للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ لِلْحَاكِمِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَهُوَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُوسَى؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمَوْجُودِينَ وَحَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الْبُطُونِ، وَبَنَاهُ الْمُؤَلِّفُ - وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " وَ - الْفُرُوعِ " - عَلَى الْمِلْكِ، فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَالنَّظَرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَيْنَهُ وَنَفْعَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْحَاكِمُ يَتَوَلَّاهُ وَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَالْحَاصِلُ إِنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مَنْ حَاكَمٍ أَوْ نَاظِرٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ وَاقِفٍ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ عَدْلٌ، فَفَسَقَ، صَحَّ، وَضُمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ وَوَظِيفَةُ نَاظِرٍ، حِفْظُ وَقْفٍ، وَعِمَارَةٍ، وَإِيجَارٍ، وَزِرَاعَةٍ، وَمُخَاصَمَةٍ فِيهِ، وَتَحْصِيلُ رَيْعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ، وَزَرْعٍ، وَثَمَرَةٍ، وَصَرْفُهُ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ وَإِصْلَاحٍ وَإِعْطَاءِ مُسْتَحَقٍّ وَنَحْوُهُ.

فَرْعٌ: إِذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ، فَإِنْ شَرَطَهُ لِاثْنَيْنِ مِنْ أَفَاضِلِ وَلَدِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ ضُمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرٍ وَاحِدٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ لِاثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوِ انْعَزَلَ.

(وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ (مِنْ غَلَّتِهِ) إِنْ لَمْ يُعَيَّنْ وَاقِفٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مُعَيَّنٍ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ ذَا رُوحٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ بِيعَ وَصُرِفَ الثَّمَنُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِيعَ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَقَارًا لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِهِ عُمِلَ بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَجِبُ عِمَارَتُهُ بِحَسَبِ الْبُطُونِ، وَتُقَدَّمُ عِمَارَتُهُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْجَمِيعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ أَوْلَى، بَلْ قَدْ يَجِبُ، وَلَوِ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ، أَوْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى حَاجٍّ أَوْ غُزَاةٍ وَنَحْوِهِمْ إِلَى مَرَمَّةٍ أُوجِرَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

فَرْعٌ: لِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إِذْنِ حَاكِمٍ، كَشِرَائِهِ الْوَقْفَ بِنَسِيئَةٍ، أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي قَرْضِهِ مَالًا لِوَلِيٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>