رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى عَقِبِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ نَسْلِهِ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، وَنُقِلَ عَنْهُ: لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ: يَدْخُلُونَ فِيهِ. وَذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا مِثْلُهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: يَدْخُلُونَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَدِ فُلَانٍ وَهُمْ قَبِيلَةٌ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَكَذَا إِذَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً، وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّونَ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ آبَائِهِمْ مُرَتَّبًا، وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيُوجَدُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً تَصْرِفُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُونَ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ وَلَدَهُ حَقِيقَةً وَلَدُ صُلْبِهِ، وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَدًا مَجَازًا بِدَلِيلِ صِحَّةِ النَّفْيِ، إِلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِدْخَالِهِمْ، كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي؛ لِوَلَدِ الذُّكُورِ الثُّلُثَانِ، وَلِوَلَدِ الْإِنَاثِ الثُّلُثُ، وَآيَةُ الْمِيرَاثِ دَلَّتْ قَرِينَةً عَلَى إِرَادَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، فَحَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى عَقِبِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ نَسْلِهِ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِهِ حَقِيقَةً وَانْتِسَابًا (وَنُقِلَ عَنْهُ: لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ: مَا كَانَ مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ فَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، فَهَذَا النَّصُّ يَحْتَمِلُ تَعْدِيَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَلَدَ وَلَدِهِ، وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الْجَامِعِ "، وَالشِّيرَازِيُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي " خِلَافِهِ الصَّغِيرِ " وَفِي " الْفُرُوعِ "، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، كَمَنْ يُنْسَبُ إِلَيَّ، وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي وَلَدِ وَلَدِي الصُّلْبِيِّ إِلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى دُخُولِهِمْ، (وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ: يَدْخُلُونَ فِيهِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا مِثْلُهُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ، وَالْقَوْلُ بِدُخُولِهِمْ هُوَ رِوَايَةٌ ثَابِتَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الرِّعَايَةِ "، وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الْهِدَايَةِ "؛ لِأَنَّ الْبَنَاتَ أَوْلَادُهُ، فَأَوْلَادُهُنَّ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ حَقِيقَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ} [الأنعام: ٨٤] وَإِلَى قَوْلِهِ: {وَعِيسَى} [البقرة: ١٣٦] ، وَهُوَ وَلَدُ بِنْتِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ، يَعْنِي الْحَسَنَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالْقَوْلُ بِدُخُولِهِمْ أَصَحُّ وَأَقْوَى دَلِيلًا. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute