كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فِي حَيَاتِهِ صَرَفَ إِلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَهْلُ بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادَ هَاشِمٍ ذَكَرَهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا، لَا يُقَالُ: هُمَا كَبَنِي الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ قَرَابَةَ أُمِّهِ وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا، وَجَعَلَ هَاشِمًا الْأَبَ الرَّابِعَ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ رَابِعًا إِلَّا أَنْ يُعَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُمْ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْ قُرْبَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَنْهُ: يُجَاوِزُ بِهَا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، فَعَلَيْهَا يُعْطَى كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْأَبِ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُمْ قَرَابَتُهُمْ، فَيَتَنَاوَلُهُمْ مِنَ اللَّفْظِ، وَعَنْهُ: ثَلَاثَةُ آبَاءٍ (وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فِي حَيَاتِهِ) كَإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ، وَأَخْوَالِهِ، وَخَالَاتِهِ (صَرَفَ إِلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ إِيَّاهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِمْ بِصِلَتِهِ هَذِهِ (وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُمْ فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُصْرَفْ إِلَيْهِمْ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ نَقَلَهَا صَالِحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ هَانِئٍ، وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إِنْ وَصَلَ أَغْنِيَاءَهُمْ أُعْطُوا وَإِلَّا الْفُقَرَاءُ أَوْلَى، وَأَخَذَ مِنْهُ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي كُلِّ لَفْظٍ عَامٍّ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ فِي الشَّرْعِ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْعُرْفِ اللُّغَوِيِّ كَالْوُضُوءِ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ، وَهَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ، فَأَمَّا إِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ أَوْ حَالِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِمْ، أَوْ حِرْمَانِهِمْ عَمَلَ بِهَا.
فَرْعٌ: قَرَابَةُ أُمِّهِ كَذَلِكَ، وَعَنْهُ: إِنْ وَصَلَهُمْ شَمِلَهُمْ، وَمِثْلُهُ قَرَابَةُ غَيْرِهِ أَوِ الْفُقَهَاءِ، وَيَصِلُ بَعْضَهُمْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَقَفَ عَلَى أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ، أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ نَسَبًا وَإِرْثًا، وَابْنُهُ كَأَبَوَيْهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ أَوْ أَبَوَيْهِ كَجَدِّ أَبٍ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ كَأُمِّهِ إِنْ شَمِلَ قَرَابَتَهُ، وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمَا، وَوَلَدُ أَبَوَيْهِ أَوْلَى مِنْهُمَا، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ فِي النِّكَاحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَأَبُوهُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ ابْنِهِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " عَكْسُهُ، وَيَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ كَأَبَوَيْهِ (وَأَهْلُ بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَتِهِ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute