للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِيهِ جَازَ الْأَكْلُ مِنْهَا، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إِلَى ثَمَنِهَا، فَإِنِ احْتَاجَ ذَلِكَ صُرِفَ ذلك فِي عِمَارَتِهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَغَيْرِ مَسْجِدِهِ، وَقَالَ: وَمِثْلُهُ وَقْفُ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الْفَاضِلِ.

فَرْعٌ: فَضْلُ غَلَّةِ مَوْقُوفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ يَتَعَيَّنُ إِرْصَادُهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَالْحَارِثِيُّ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ: يُرْصَدُ، لَعَلَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ صَرَفَ فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ، وَعَلَى قِيَاسِهِ مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ وَنَحْوُهُمَا.

(وَلَا يَجُوزُ غَرْسُ شَجَرَةٍ فِي الْمَسْجِدِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: تُقْلَعُ غَرْسَتُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِذَلِكَ، إِنَّمَا بُنِيَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِمَا يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الْأَذَى، وَفِي " الْإِرْشَادِ " وَ " الْمُبْهِجِ " يُكْرَهُ غَرْسُهَا فِيهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ إِنْ لَمْ يَضِقْ، وَإِلَّا حَرُمَ، فَإِنْ غُرِسَتْ فِيهِ وَأَثْمَرَتْ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أُحِبُّ الْأَكْلَ مِنْهَا، وَقِيلَ: تُبَاحُ لِفُقَرَاءِ الدَّرْبِ، وَقِيلَ: مَعَ غِنَى الْمَسْجِدِ عَنْهَا، وَظَاهِرُ النَّصِّ وَ " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ قَلْعُهَا بِوَاحِدٍ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لِلْإِمَامِ (فَإِنْ كَانَتْ مَغْرُوسَةً) بِأَنْ وَقَفَ وَهِيَ (فِيهِ) ، فَإِنْ عَيَّنَ مَصْرِفَهَا اتُّبِعَ، وَإِلَّا صَارَتْ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ - (جَازَ الْأَكْلُ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْمَسْجِدِ وَهُوَ لِكُلٍّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَكَذَا الْأَكْلُ مِنْهَا، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلٌ. (قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إِلَى ثَمَنِهَا) اقْتَصَرَ فِي " الْمُحَرَّرِ " عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْمَسْجِدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ، (فَإِنِ احْتَاجَ ذَلِكَ صُرِفَ فِي عِمَارَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَقَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ تَقْيِيدٌ لِمَا أُطْلِقَ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ، فَإِنْ فَضَلَ فَلِجَارِهِ كُلُّهَا، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لِلْفَقِيرِ مِنْهُمْ.

فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ حَفْرُ بِئْرٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يُغَطَّى بِالْمُغْتَسَلِ؛ لِأَنَّهُ لِلْمَوْتَى، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّهَا تَطِمُّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَكْرَهْ حَفْرَهَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: بَلَى إِنْ كَرِهَ الْوُضُوءَ فِيهِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا غَرَسَ النَّاظِرُ أَوْ بَنَى فِيهِ فَهُوَ لَهُ إِنْ أَشْهَدْ، وَإِلَّا لِلْوَقْفِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي أَجْنَبِيٍّ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: يَدُ الْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ يُدْفَعُ مُوجِبُهَا كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهَا بِمَالِهِ بِحُكْمِ إِجَارَةٍ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>