وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَقْفِ أَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إِلَيَّ يُسَوِّيَ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي ".
(وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَقْفِ) ذَكَرٌ كَأُنْثَى، جَازَ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ، قِيلَ: فَإِنْ فَضَّلَ، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي عَلَى وَجْهِ الْأَثَرَةِ إِلَّا لِعَيَّالٍ بِقَدْرِهِمْ أَوْ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ خَصَّ الْمَرْدُودَةَ مِنْ بَنَاتِهِ دُونَ الْمُسْتَغْنِيَةِ مِنْهُنَّ بِصَدَقَتِهِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلَّفُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ كَقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ إِيصَالُ الْمَالِ إِلَيْهِمْ، فَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مُلْغًى بِالْعَطِيَّةِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَنْقُلُ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَنْقُلُهَا عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْقُصُورِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ (أَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ) أَوْ وَصَّى بِوَقْفِهِ (عَلَى بَعْضِهِمْ - جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ بِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ أَمْرَ وَقْفِهِ إِلَى حَفْصَةَ تَأْكُلُ مِنْهُ وَتَشْتَرِي رَقِيقًا، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَالِ فَهُوَ كَعِتْقِ الْوَارِثِ وَكَالْوَقْفِ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَعَلَّلَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُونَ بِغَلَّتِهَا (وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا عَنِ الْإِمَامِ، لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِيمَنْ وَصَّى لِأَوْلَادِ بِنْتِهِ بِأَرْضٍ تُوقَفُ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَرِثُوهُ فَجَائِزٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى وَارِثٍ فِي الْمَرَضِ، اخْتَارَهَا أَبُو حَفْصٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَرَجَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَالِهِ فِي مَرَضِهِ، فَمَنَعَ مِنْهُ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِلْحَاقًا لَهُ بِالْهِبَةِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَيْهَا، وَكَوْنُهُ انْتِفَاعًا بِالْغَلَّةِ لَا يَقْتَضِي جَوَازَ التَّخْصِيصِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ، وَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَعَنْهُ: كَهِبَةٍ، فَتَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، وَعَنْهُ: لَا إِنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَقَفَ دَارَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ نِصْفَيْنِ جَازَ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَلَزِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ تَخْصِيصُ الْبِنْتِ بِهَا فَبِنِصْفِهَا أَوْلَى، وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute