رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُتَّهَبُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ، وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُتَّهَبُ لِابْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ أَبُوهُ الرُّجُوعَ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ، وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الشَّرْحِ " يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِكَوْنِهَا نَمَاءَ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَضَرَرِ التَّشْقِيصِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِرْجَاعٌ لِلْمَالِ بِفَسْخِ عَقْدٍ لِغَيْرِ عَيْبٍ فِي عِوَضِهِ، فَمَنْعُهُ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ كَاسْتِرْجَاعِ الصَّدَاقِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّدَّ مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ رَضِيَ بِبَذْلِ الزِّيَادَةِ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَلِلْأَبِ أَخْذُهَا بِطَرِيقِ التَّمَلُّكِ بِشَرْطِهِ، وَقَصْرُ الْعَيْنِ وَتَفْصِيلُهَا زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ.
فَرْعٌ: إِذَا وَهَبَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ فِي يَدِهِ فَهِبَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَقِيلَ: مُنْفَصِلَةٌ، إِنْ قُلْنَا: لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ، وَإِنْ رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا جَازَ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَمُتَّصِلَةٌ، وَلَوْ وَهَبَهُ نَخْلَةً فَحَمَلَتْ فَهِيَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَبَعْدَهُ مُنْفَصِلَةٌ، (وَإِنْ بَاعَهُ الْمُتَّهَبُ) أَوْ وَهَبَهُ لَمْ يَمْلِكِ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ، قَوْلًا وَاحِدًا، (ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ) أَوْ فَلَسِ الْمُشْتَرِي (فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ، كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْفَسْخِ فَقَطْ، وَهُوَ مُغْنٍ، أَحَدُهُمَا - وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ": لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ مَنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ عَادَةً، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ، أَمَّا لَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوِ الشَّرْطِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُزِيلَ ارْتَفَعَ، وَعَادَ الْمِلْكُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، أَشْبَهَ فَسْخَ الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ (وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ وُهِبَهُ، لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ فَسْخَهُ وَإِزَالَتَهُ، كَالَّذِي لَمْ يَكُنْ مَوْهُوبًا.
(وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُتَّهَبُ لِابْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ أَبُوهُ الرُّجُوعَ) ، كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ ابْنِهِ، وَلِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إِبْطَالًا لِمِلْكِ غَيْرِ ابْنِهِ، وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعِ ابْنُهُ (إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الرُّجُوعِ زَوَالُ مِلْكِ الِابْنِ وَقَدْ عَادَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ ابْنُ الِابْنِ لِأَبِيهِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهَنِ وَالْمُكَاتَبِ تَعَلَّقَ بِهِ، وَالرُّجُوعُ يُبْطِلُهُ، فَلَمْ يَجُزْ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ، فَأَمَّا مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute