مِائَتَيْنِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا، وَهِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا، ثُمَّ مَاتَ - صَحَّ الْعِتْقُ وَلَمْ يُسْتَحَقَّ الصَّدَاقُ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى بُطْلَانِ عِتْقِهَا ثُمَّ يَبْطُلُ صَدَاقُهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: تَسْتَحِقُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالنِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، (وَلَمْ يُسْتَحَقَّ الصَّدَاقُ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى بُطْلَانِ عِتْقِهَا ثُمَّ يَبْطُلُ صَدَاقُهَا) وَوَجْهُهُ أَنَّهَا إِذَا اسْتَحَقَّتِ الصَّدَاقَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سِوَى قِيمَةِ الْأَمَةِ الْمُقَدَّرِ بَقَاؤُهَا، فَلَا يُنَفَّذُ الْعِتْقُ فِي كُلِّهَا؛ لِكَوْنِ الْإِنْسَانِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَرَضِهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ، وَإِذَا بَطَلَ الْعِتْقُ فِي الْبَعْضِ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِذَا بَطَلَ النِّكَاحُ بَطَلَ الصَّدَاقُ، (وَقَالَ الْقَاضِي: تَسْتَحِقُّ الْمِائَتَيْنِ) وَتُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَصِيَّةٌ لَهَا، وَهِيَ غَيْرُ وَارِثِهِ، وَالصَّدَاقُ اسْتَحَقَّتْهُ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهِيَ تُنَفَّذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَأَصْدَقَهَا الْمِائَتَيْنِ، وَفِي إِرْثِهَا الْخِلَافُ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَالْأَوَّلُ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْعِتْقِ وَاسْتِحْقَاقِ الصَّدَاقِ جَمِيعًا؛ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْعِتْقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِ ذَلِكَ، فَلَوْ أَصْدَقَ الْمِائَتَيْنِ أَجْنَبِيَّةٌ صَحَّ وَبَطَلَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثَيِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الثُّلُثِ مُعْتَبَرٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ، وَحَالَةَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَتِ الْمِائَتَانِ قَبْلَ مَوْتِهِ عُتِقَ مِنْهَا الثُّلُثَ فَقَطْ.
فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا آخَرَ تَبَيَّنَّا أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ وَيَسْقُطُ مَهْرُهَا إِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَمَهْرُهَا نِصْفُ قِيمَتِهَا عُتِقَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَيُرَقُّ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا، وَحِسَابُهَا أَنْ نَقُولَ: عُتِقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَهَا بِصَدَاقِهَا نِصْفُ شَيْءٍ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَتَجْمَعُهُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفًا، تَبْسُطُهَا تَكُنْ سَبْعَةً.
مَسْأَلَةٌ: مَرِيضَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، وَتَزَوَّجَهَا بِعَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ مِائَةً، فَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنْ تَضُمَّ الْعَشَرَةَ إِلَى الْمِائَةِ، فَتَكُونَ التَّرِكَةُ وَيَرِثُ نِصْفَ ذَلِكَ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُحْسَبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْضًا، وَيُضَمُّ إِلَى التَّرِكَةِ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سِتُّونَ؛ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَرِثُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ إِعْتَاقُهُ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute