وَإِجَازَتُهُمْ تَنْفِيذٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إِلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا فِيهَا، فَلَوْ كَانَ الْمُجِيزُ أَبًا لِلْمُجَازِ لَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَازُ عِتْقًا، كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُوصِي، يَخْتَصُّ بِهِ عُصْبَتُهُ، وَلَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمُجِيزِينَ، صَحَّ، وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ هِبَةٌ، فَتَنْعَكِسُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ وَمَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَجُوزُ لِوَارِثٍ (وَإِجَازَتُهُمْ تَنْفِيذٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا إِمْضَاءٌ لِقَوْلِ الْمَوْرُوثِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّنْفِيذِ إِلَّا ذَلِكَ فَيَكْفِي لَفْظُهَا، وَهُوَ أَجَزْتُ، وَكَذَا أَمْضَيْتُ، أَوْ نَفَذْتُ، فَإِذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا لَزِمَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمَجْلِسِ (لَا تَفْتَقِرُ إِلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا فِيهَا) أَيْ: أَحْكَامُ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِهِبَةٍ (فَلَوْ كَانَ الْمُجِيزُ أَبًا لِلْمُجَازِ لَهُ) كَمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِ وَلَدِهِ مَعَ وُجُودِهِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ (الرُّجُوعُ فِيهِ) لِأَنَّ الْأَبَ إِنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَ، لَا فِيمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ كَانَ الْمُجَازُ عِتْقًا) بِأَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ فَأَعْتَقُوهُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثِهِ، وَوَقَفَ عِتْقُ الْبَاقِي عَلَى إِجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ (وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُوصَى) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي هُوَ أَعْتَقَهُ (يَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَتُهُ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ (وَلَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمُجِيزِينَ) كَالْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ (صَحَّ) أَيِ الْوَقْفُ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُمْ.
(وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ هِبَةٌ) أَخْذًا مِنْ إِطْلَاقِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، وَظَاهِرُهُ نَفْيُ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا، فَتَكُونُ إِجَازَتُهُمُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ، وَأَطْلَقَهُمَا أَبُو الْفَرَجِ، وَخَصَّهَا فِي الِانْتِصَارِ بِالْوَارِثِ (فَتَنْعَكِسُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ) فَيَفْتَقِرُ إِلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ مِنَ الْقَبْضِ وَنَحْوِهِ، وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَّى بِهِ لِابْنِهِ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْعَصَبَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ، وَالْوَقْفُ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّ فِي صِحَّتِهَا بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ إِذَا قُلْنَا: هِيَ هِبَةٌ - وَجْهَيْنِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَالصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلِهَذَا قِيلَ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ هَلْ هُوَ بَاطِلٌ، أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ؟ وَقِيلَ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ، وَأَمَّا عَلَى الْبُطْلَانِ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّنْفِيذِ، وَهُوَ أَشْبَهُ، وَقَرَّرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْوَارِثَ إِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ، وَطَرَدَ هَذَا فِي الْأَعْيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute