للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَصِحُّ إِجَازَتُهُمْ وَرَدُّهُمْ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَمَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَجَزْتُ لِأَنَّنِي ظَنَنْتُ الْمَالَ قَلِيلًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِخْوَةٍ لَهُ مُفْتَرِقِينَ، وَلَا وَلَدَ لَهُ، وَمَاتَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ لِلْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ إِجَازَةٍ إِذَا لَمْ تَتَجَاوَزِ الثُّلُثَ، وَإِنْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ، جَازَتِ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، فَيَكُونُ لَهُمَا ثُلُثَا الْمُوصَى بَيْنَهُمَا.

فَرْعٌ: لَوْ وَصَّى لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَأَوْصَتْ لَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُمَا إِلَّا بِالْإِجَازَةِ، وَإِنْ أَوْصَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا جَازَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا لَا تُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا لِيُوصِلَ إِلَيْهَا مَالَهُ بِالْوَصِيَّةِ، فَلَمْ يَنْفُذْ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَوْصَى لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا.

(وَلَا تَصِحُّ إِجَازَتُهُمْ وَرَدُّهُمْ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ حِينَئِذٍ، فَتَصِحُّ مِنْهُمُ الْإِجَازَةُ، وَالرَّدُّ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا عِبْرَةَ بِهِ) هَذَا زِيَادَةُ إِيضَاحٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَمْلِكُوهُ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَ كَالْمَرْأَةِ تُسْقِطُ مَهْرَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالشَّفِيعِ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَقَدْ سَبَقَ.

فَرْعٌ: لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْمُفْلِسِ، وَالسَّفِيهِ (وَمَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ) كَمَا إِذَا كَانَتْ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ (ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَجَزْتُ؛ لِأَنَّنِي ظَنَنْتُ الْمَالَ قَلِيلًا) كَمَا إِذَا أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ، فَأَجَازَهُ الْوَارِثُ، وَكَانَ الْمَالُ سِتَّةَ آلَافٍ، فَقَالَ: ظَنَنْتُهُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ إِمَّا تَنْفِيذٌ أَوْ هِبَةٌ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ فِي الْمَجْهُولِ (مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَذِبَهُ (وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِجَازَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ خَمْسَمِائَةٍ، فَكَانَتْ أَلْفًا، فَيَرْجِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ عَقْدًا لَهُ الْخِيَارَ فِي فَسْخِهِ فَبَطَلَ خِيَارُهُ كَمَا لَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ (إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>