فَلَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَهُ، بَطَلَتْ أَيْضًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ، أَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، ذَكَرَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْبَيْعِ، وَيَجُوزُ الْقَبُولُ عَلَى التَّرَاخِي كَالْفَوْرِ، وَحِينَئِذٍ الْمِلْكُ لَهُ شَرْطَانِ، الْأَوَّلُ: الْقَبُولُ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ، فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ، أَوْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ كَبَنِي تَمِيمٍ، أَوْ عَلَى مَصْلَحَةِ مَسْجِدٍ أَوْ حَجٍّ، لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى قَبُولٍ، وَلَزِمَتْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقَبُولِ مِنْهُمْ مُتَعَذَّرٌ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيُكْتَفَى بِهِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ ذُو رَحِمٍ مِنَ الْمُوصَى لَهُ، كَمَنَ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِلْفُقَرَاءِ وَأَبُوهُ مِنْهُمْ، لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْقَبْضِ (فَأَمَّا قَبُولُهُ وَرَدُّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ (فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ صَادَفَتِ الْمُعْطَى مَيِّتًا، فَلَمْ تَصِحَّ، كَمَا لَوْ وَهَبَ مَيِّتًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَلَا تَبْطُلُ، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَهُ، بَطَلَتْ أَيْضًا) لِلرَّدِّ أَحْوَالٌ:
مِنْهَا: أَنْ يَرُدَّهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ، أَشْبَهَ رَدَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ إِيجَابِ الْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْقَبُولِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَبْلَ الْقَبُولِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ فَيَصِحُّ الرَّدُّ، وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَالَةٍ يَمْلِكُ قَبُولَهُ وَأَخْذَهُ، أَشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ عَنْهَا بَعْدَ الْبَيْعِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ، فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ رَدَّهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ، فَتَكُونَ هِبَةً مِنْهُ لَهُمْ يَفْتَقِرُ إِلَى شُرُوطِهَا.
وَمِنْهَا: أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ فِيهِ بِالْقَبُولِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيمَا كِيلَ، أَوْ وُزِنَ، دُونَ الْمُعَيَّنِ فِي الْأَشْهَرِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، فَكَمُتَحَجِّرٍ مَوَاتًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute