كَانَ مُتَّصِلًا تَبِعَهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِأَمَةٍ فَوَطِئَهَا الْوَارِثُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَأَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْمُوصِي، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِزَوْجَتِهِ فَأَوْلَدَهَا قَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّبَبِ، وَالْحُكْمُ لَا يَتَقَدَّمُ سَبَبَهُ وَلَا شَرْطَهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ إِذَا قَبِلَ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ حِينَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ انْتِقَالُهُ بِالْقَبُولِ، وَجَبَ انْتِقَالُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُوجِبِ عِنْدَ الْإِيجَابِ كَالْهِبَةِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْمِلْكَ يَقِفُ مُرَاعًى، وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هِيَ قَبْلَ الْقَبُولِ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ أَوِ الْوَرَثَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ الْقَبُولُ: فَيَمْلِكُهُ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ، وَحَكَاهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ، وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ فَوَائِدُ نَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى بَعْضِهَا.
(فَمَا حَدَثَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبُولِ (مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٌ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، فَعَلَى هَذَا يُزَكُّونَهُ، وَقِيلَ: لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: مُنْذُ مَاتَ الْوَصِيُّ فَيُزَكِّيهِ، وَفِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ إِنْ قُلْنَا: هُوَ عَلَى مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، فَهُوَ لَهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ مِلْكُ الْمَيِّتِ، فَتَتَوَفَّرُ بِهِ التَّرِكَةُ فَيَزْدَادُ بِهِ الثُّلُثُ، وَإِنْ قُلْنَا: عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، فَنَمَاؤُهُ لَهُمْ خَاصَّةً، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ لَا يَتَقَدَّمُ الْقَبُولَ، وَأَنَّ النَّمَاءَ قَبْلَهُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مَالِ الْمَيِّتِ، فَلَا يَتَوَفَّرُ بِهِ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ حِينَ الْمَوْتِ (وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا، تَبِعَهَا) كَمَا يَتْبَعُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ (وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِأَمَةٍ فَوَطِئَهَا الْوَارِثُ قَبْلَ الْقَبُولِ) أي قبول الموصى له (فَأَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ (وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ مِنْ وَطْءِ مَمْلُوكَتِهِ (وَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي مِلْكِهِ (لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِأَحَدٍ، بَلِ انْعَقَدَ حُرًّا (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْمُوصِي) إِذَا قَبِلَهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا، لَا يُقَالُ كَيْفَ قَضَيْتُمْ هُنَا بِعِتْقِهَا، وَهِيَ لَا تَعْتِقُ بِإِعْتَاقِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالْمُرَاهِقِ، وَالشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إِعْتَاقُهُمْ، لَكِنْ إِذَا وَطِئَهَا الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ قَبُولِهَا، كَانَ ذَلِكَ قَبُولًا لَهَا، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ كَوَطْءِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِزَوْجَتِهِ، فَأَوْلَدَهَا قَبْلَ الْقَبُولِ، لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مِلْكًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute