للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَهَنَهُ، كَانَ رُجُوعًا، وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ، فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ نَجَرَ الْخَشَبَةَ بَابًا وَنَحْوَهُ، أَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، وَزَالَ اسْمُهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ رُجُوعٌ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَإِنْ وَصَّى لَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: لِلثَّانِي، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: يُؤْخَذُ بِآخِرِ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُنَافِي الْأُولَى، فَإِذَا أَتَى بِهَا كَانَ رُجُوعًا، كَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا لِوَرَثَتِي، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ لِلْأَوَّلِ، وَأَيُّهُمَا مَاتَ، فَهُوَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ.

فَرْعٌ: لَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ بِثُلُثِهِ لِآخَرَ، فَمُتَغَايِرَانِ، وَفِي الرَّدِّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَصَّى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا.

(وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ، كَانَ رُجُوعًا) لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْوَصِيَّةَ، وَالرَّهْنُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْقُلُ الْمِلْكَ حِينَ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ بِقِيمَةِ الْقَابِلِيَّةِ لَهُ، وَالْقَابِلِيَّةُ لِلنَّقْلِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِيمَا رَهَنَهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ ثَوْبًا فَفَصَّلَهُ وَلَبِسَهُ، أَوْ جَارِيَةً فَأَحْبَلَهَا أَوْ أَوْلَدَهَا (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ) أَوْ أَوْجَبَهُ فِي بَيْعِ هِبَةٍ، فَلَمْ يَقْبَلْ، أَوْ عَرَضَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ أَوْ هِبْتِهِ (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ رُجُوعٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ أَقْوَى مِنَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّزُ بِالْمَوْتِ، فَيَسْبِقُ أَخْذَ الْمُوصَى لَهُ، وَجَحْدُهَا ظَاهِرٌ فِي الرُّجُوعِ، وَفِي الْبَاقِي يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ الرُّجُوعَ، وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يَخْرُجُ بِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ، وَالْوَصِيَّةُ عَقْدٌ، فَلَا تَبْطُلُ بِالْجُحُودِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَكَإِيجَارِهِ، وَتَزْوِيجِهِ، وَلُبْسِهِ، وَسُكْنَاهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ بِمُعَيَّنٍ، فَإِذَا كَانَتْ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَيَتْلَفُ أَوْ يَبِيعُهُ، ثُمَّ يَمْلِكُ مَالًا آخَرَ، فَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَلَيْسَ بِرُجُوعٍ.

(وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ) وَلَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ غَالِبًا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ، أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ، أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ، أَوْ نَجَرَ الْخَشَبَةَ بَابًا وَنَحْوَهُ، أَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ وَزَالَ اسْمُهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ رُجُوعٌ) صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ اسْمَهُ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ دُخُولِهِ فِي الِاسْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمُوصَى بِهِ (وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>