للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَبَرُّعٍ، اعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنَ الْبَاقِي، فَإِنْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي، فَقَالَ الْقَاضِي: يُبْدَأُ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ، فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ، وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَقَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَقَدْ حَكَى الْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ: أَنَّهُ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ، حَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ. وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِهَا فِي الْآيَةِ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا أَشْبَهَتِ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عِوَضٍ، فَكَانَ إِخْرَاجُهَا مَشَقَّةً عَلَى الْوَارِثِ، فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إِخْرَاجِهَا، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ " أَوْ " الَّتِي لِلتَّسْوِيَةِ، أَيْ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: لَمَّا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ طَاعَةً وَخَيْرًا وَالدَّيْنُ غَالِبًا لِمَنْفَعَةٍ، وَهُوَ مَذْمُومٌ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ، وَقَدْ تَعَوَّذَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَبَدَأَ بِالْأَفْضَلِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْوَصِيَّةُ غَالِبًا تَكُونُ لِلضِّعَافِ، فَقُوِّيَ جَانِبُهَا بِالتَّقْدِيمِ فِي الذِّكْرِ؛ لِئَلَّا يُطْمَعَ وَيُتَسَاهَلَ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَحِينَئِذٍ إِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ قَامَ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ وَنَفَاذِهِ، وَإِلَّا فَالْوَارِثُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَتَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ صغيرا وَلَا وَصِيَّ لَهُ.

فَرْعٌ: إِذَا أَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَيِّتٍ زَكَاةً تَلْزَمُهُ بِإِذْنِ وَصِيِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ أَجْزَأَتْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا الْوَارِثُ، وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ أَخْرَجَهَا، وَلَمْ يُعْلِمْهُ، وَكَذَا الْحَجُّ وَالْكَفَّارَةُ.

(وَإِنْ وَصَّى مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْوَاجِبَاتِ (بِتَبَرُّعٍ اعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنَ الْبَاقِي) أَيْ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْوَاجِبِ، فَلَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ أَرْبَعِينَ، فَيُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عَشَرَةٌ، فَتُدْفَعُ أَوَّلًا، وَيُدْفَعُ إِلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَشَرَةٌ، وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ (فَإِنْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي) أُخْرِجَ الثُّلُثُ، وَتُمِّمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى مَا قَالَ الْمُوصِي، كَأَنَّهُ قَصَدَ إِرْفَاقَ وَرَثَتِهِ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَصَّى مَعَهَا بِتَبَرُّعٍ (فَقَالَ الْقَاضِي: يَبْدَأُ بِهِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ (فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ، فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ) لِأَنَّ الدَّيْنَ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ قَبْلَ الْمِيرَاثِ وَالتَّبَرُّعِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الثُّلُثِ، وَجَبَتِ الْبُدَاءَةُ بِهِ، وَمَا فَضَلَ لِلتَّبَرُّعِ (وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ) أَيْ: إِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لِلتَّبَرُّعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>