وَالْحَمِيرِ وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الوصية فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَتَصِحُّ فِي الْآخَرِ، وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا، فَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْحَمِيرِ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ، فَإِنْ قَرَنَ بِهِ مَا يَصْرِفُهُ إِلَى أَحَدِهَا، كَقَوْلِهِ: دَابَّةٌ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا، انْصَرَفَ إِلَى الْخَيْلِ، فَإِنْ قَالَ: دَابَّةٌ يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا، خَرَجَ مِنْهُ الْبِغَالُ، وَخَرَجَ مِنْهُ الذَّكَرُ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَحَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْبَلَدِ، وَفِي التَّمْهِيدِ: فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ الدَّابَّةُ لِلْفَرَسِ عُرْفًا، وَالْإِطْلَاقُ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ، وَقَالَهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ أُصُولِي يَعْنِي نَفْسَهُ، قَالَ: لِنَوْعِ قُوَّةٍ فِي الدَّبِيبِ؛ لِأَنَّهُ ذُو كَرٍّ وَفَرٍّ، انْتَهَى. وَالْفَرَسُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحِصَانُ لِلذَّكَرِ، وَعَكْسُهُ الْحُجْرَةُ، وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ، وَالْأَتَانُ لِلْأُنْثَى.
فَرْعٌ: لَا يَسْتَحِقُّ لِلدَّابَّةِ سَرْجًا، وَلَا لِلْبَعِيرِ رَحْلًا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ) وَشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ (صَحَّ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا أَقَلُّ مِنَ الْجَهَالَةِ فِي عَبْدٍ، وَقَدْ صَحَّتْ فِيهِ، فَلِأَنْ تَصِحُّ هُنَا مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ تَنَاوَلَ وَاحِدًا، وَالْأَقَلُّ هُوَ الْيَقِينُ، فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبُ، فَعَلَى هَذَا مَا يَدْفَعُهُ الْوَارِثُ مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَعِيبٍ، جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ، يَلْزَمُ قَبُولُهُ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ شِرَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاسْتِحْقَاقِ فَكَانَ لَهُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ كَالْعِتْقِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْفُرُوعِ شَيْئًا، وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُمَا فِي لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْتَضِي عَبْدًا مِنَ الْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَصِيَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْكِيسِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ بِدَارِهِ، وَلَا دَارَ لَهُ (وَتَصَحُّ فِي الْآخَرِ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَتِ الصِّفَةُ، بَقِيَ أَصْلُ الْوَصِيَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ لَا يَمْلِكُهَا، ثُمَّ مَلَكَهَا (وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا) لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ، فَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute