فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي كَسْبِهَا، وَالثَّانِي: عَلَى مَالِكِهَا، وَالثَّالِثُ: عَلَى الْوَصِيِّ، وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ مَالِكَ الرَّقَبَةِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، وَفِي وُجُوبِ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ فِي اخْتِيَارِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَهُ الْمَهْرُ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، إِنْ كَانَ هُوَ الْوَاطِئُ، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا: تَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، إِذَا وَطِئَ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَلَدُهُ مَمْلُوكًا.
(وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًى، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي حُكْمِهَا كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّفْعِ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا هُوَ مِنَ الرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا (وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي كَسْبِهَا) لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إِيجَابُهَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ لِكَوْنِهِ لَا نَفْعَ لَهُ، وَعَلَى مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِكَوْنِهِ لَا رَقَبَةَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا إِيجَابُهَا فِي كَسْبِهَا، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى إِيجَابِهَا عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ كَسْبَهَا مِنْ مَنَافِعِهَا، فَعَلَيْهِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، فَقِيلَ: تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَالثَّانِي: عَلَى مَالِكِهَا) أَيْ مَالِكِ الرَّقَبَةِ، ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الرَّقَبَةِ، فَكَانَتْ عَلَى مَالِكِهَا كَنَفَقَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ، وَلِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَتَّبِعُ النَّفَقَةَ، وَوُجُوبُ التَّابِعِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَتْبُوعِ عَلَيْهِ (وَالثَّالِثُ: عَلَى الْوَصِيِّ) أَيْ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَفْعَهَا فَكَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ كَالزَّوْجِ، وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَمَةِ، بَلْ حُكْمُ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَنَفْعُهَا بَعْدَ الْوَصِيِّ لِوَرَثَتِهِ قَطَعَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي هِبَةِ نَفْعِ دَارِهِ وَسُكْنَاهَا شَهْرًا وَتَسْلِيمِهَا، وَقِيلَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي.
(وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute