للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضِعْفَاهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ، وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ، كُلَّمَا زَادَ ضِعْفًا، زَادَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا، فَلَوْ كَانُوا ابْنًا وَأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ، صَحَّتْ مِنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ، وَلِلْوَصِيِّ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَيْهَا، فَتَصِيرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لَوْ كَانَ، فَلَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْمِائَتَيْنِ عَشَرَةً، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الضِّعْفَ مِثْلَانِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الضِّعْفُ الْمِثْلُ، فَمَا فَوْقَهُ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الضِّعْفَيْنِ الْمِثْلَانِ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّحْوِيِّ، قَالَ: الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ الضِّعْفَ مُثَنًّى، فَتَقُولُ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي دِرْهَمًا فَلَكَ ضِعْفَاهُ، أَيْ: مِثْلَاهُ، وَإِفْرَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَحْسَنُ، يَعْنِي أَنَّ الْمُفْرَدَ وَالْمُثَنَّى هُنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكِلَاهُمَا يُرَادُ بِهِ الْمِثْلَانِ، وَإِذَا اسْتَعْمَلُوهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَجَبَ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ، وَإِنْ خَالَفْنَا الْقِيَاسَ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ: (ضِعْفَاهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ، وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى (كُلَّمَا زَادَ ضِعْفًا زَادَ مَرَّةً وَاحِدَةً) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَثَرٍ، وَأَقَلُّ الْأَعْدَادِ الْمَرَّةُ، وَأَجَابَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: ٢٦٥] قَالَ عِكْرِمَةُ: تَحْمِلُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠] أَنَّ الْمُرَادَ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: ٣١] وَمُحَالٌ أَنْ تَجْعَلَ أَجْرَهَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَرَّتَيْنِ، وَعَذَابَهَا عَلَى الْفَاحِشَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يُرِيدُ تَضْعِيفَ الْحَسَنَاتِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أُحِبُّ قَوْلَهُ، وَرَدَّهُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَحِينَئِذٍ الضِّعْفُ مُحَالٌ وِفَاقَ (وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَوْ خَصَّهُ بِهِ، فَهُوَ لَهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ، وَكَانَ تَأْكِيدًا (فَلَوْ كَانُوا ابْنًا وَأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ، صَحَّتْ مِنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ) لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَاتِ سَهْمٌ لَا يَصِحُّ عَلَيْهِنَّ، وَلَا يُوَافِقُ، فَاضْرِبْ عَدَدَهُنَّ فِي ثَمَانِيَةٍ، تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ (لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ) وَلِلِابْنِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ (وَلِلْوَصِيِّ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَيْهَا، فَتَصِيرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ) وَلَوْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ، وَلَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِ الْبِنْتِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَصَّى بِمِثْلِ أَكْثَرِهِمْ، أَوْ أَعْظَمِهِمْ نَصِيبًا، فَلَهُ ذَلِكَ مُضَافًا إِلَى الْمَسْأَلَةِ، فَيَكُونُ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ، فَتَصِيرُ سِتِّينَ سَهْمًا.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>