وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ: لَهُ السُّدُسُ بِمَنْزِلَةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ، وَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ كَانُوا عَصَبَةً، أُعْطِيَ سُدُسًا كَامِلًا، وَإِنْ كَمَلَتْ فُرُوضُهَا أُعِيلَتْ بِهِ، وَإِنْ عَالَتْ أُعِيلَ مَعَهَا، وَالثَّانِيَةُ: لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ، وَالثَّالِثَةُ: لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُتَمَوَّلُ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ إِلَّا حَظًّا، أُعْطِيَ مَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ (وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهُنَّ: لَهُ السُّدُسُ بِمَنْزِلَةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ) نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِآخَرَ بِسَهْمٍ مِنَ الْمَالِ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّدُسَ» ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ السَّهْمَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ السُّدُسُ، قَالَهُ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَتَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ لَفَظَ بِهِ، (إِنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ) كَبِنْتٍ، وَبِنْتِ ابْنٍ، (أَوْ كَانُوا عَصَبَةً) كَالْبَنِينَ أَوِ الْإِخْوَةِ، (أُعْطِيَ سُدُسًا كَامِلًا) ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى بِهِ، (وَإِنْ كَمَلَتْ فُرُوضُهَا أُعِيلَتْ بِهِ، وَإِنْ عَالَتْ أُعِيلَ مَعَهَا) ، كَمَسَائِلِ الْعَوْلِ، وَقِيلَ: لَهُ سُدُسُهُ كُلُّهُ أَطْلَقَهُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرَّوْضَةِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنَ التَّفْصِيلِ، (وَالثَّانِيَةُ لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ) مُضَافًا إِلَيْهَا، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَأَبِي طَالِبٍ؛ لِأَنَّ سَهْمًا يَنْصَرِفُ إِلَى سِهَامِ فَرِيضَتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: فَرِيضَتِي، أَوْ كَذَا سَهْمًا لَكَ مِنْهُ أَسْهُمٌ، قَالَ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ: (مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ، فَلَهُ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ مُتَحَقِّقٌ، (وَالثَّالِثَةُ: لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّ الْوَرَثَةِ) ، مَضْمُومًا إِلَيْهَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ النَّصِيبُ، وَالنَّصِيبُ هُنَا: هُوَ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ، وَالْأَقَلُّ مِنْهَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ (مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ) كَذَا قَيَّدَهُ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَجَمَعَ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ رُدَّ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ سَهْمٍ يَرِثُهُ ذَوَا قَرَابَةٍ. وَالْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ أَجْرَوْا هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى إِطْلَاقِهِمَا، نَظَرًا لِإِطْلَاقِ الْإِمَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute