بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَنَاتٌ، فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبَنَاتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبَنَاتِ الِابْنِ - وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ، فَيُعَصِّبُهُنَّ فِيمَا بَقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنِ اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: بِالسُّنَّةِ، وَقِيلَ: بِالْبَيِّنَةِ، وَقِيلَ: بِالْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ: بِالْقِيَاسِ، وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَجَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، لَكِنْ قَالَ الشَّرِيفُ الْأُرْمَوِيُّ: صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَصَارَ إِجْمَاعًا، إِذِ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ حُجَّةٌ. وَمِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] وَهُوَ لَوْ كَانَ مَعَ وَاحِدَةٍ كَانَ حَظُّهَا الثُّلُثَ، فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ لَهَا مَعَ أُخْتِهَا.
١ -
(وَبَنَاتُ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَنَاتٌ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ بِنْتَ الِابْنِ بِنْتُهُ، كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنُهُ، وَلِدُخُولِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، سَوَاءً كَانَتْ بَنَاتُ الِابْنِ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ أَوْ آبَاءٍ، فَإِنَّهُنَّ يَشْتَرِكْنَ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بِنْتَانِ؛ لِأَنَّ بَنَاتَ الِابْنِ لَا يَرِثْنَ مَعَ الْبِنْتَيْنِ شَيْئًا، (فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبَنَاتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبَنَاتِ الِابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ) ، بِالْإِجْمَاعِ، وَاخْتَصَّتِ الْبِنْتُ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ لَهَا، وَالِاسْمُ يَتَنَاوَلُهَا حَقِيقَةً فَبَقِيَ السُّدُسُ لِبَنَاتِ الِابْنِ تَمَامَ الثُّلُثَيْنِ وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: «سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ، وَابْنَةِ ابْنٍ، وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي، فَسَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذَنْ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِابْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ، فَلِلْأُخْتِ، فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى، فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ) أَيْ: مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ (ذَكَرٌ) فِي دَرَجَتِهِنَّ (فَيُعَصِّبُهُنَّ فِيمَا بَقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] الْآيَةَ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لِبَنَاتِ الِابْنِ الْأَضَرُّ بِهِنَّ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ أَوِ السُّدُسِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ لَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute