وَعَصَبَةٍ بُدِئَ بِذِي الْفَرْضِ فَأَخَذَ فَرْضَهُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ، وَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْفُرُوضُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَبَّاسٍ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَمْعٌ: الْمَالُ لِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ، وَفَضَلَهُ بِأُمٍّ، فَصَارَا كَأَخَوَيْنِ، أَوْ عَمَّيْنِ، أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ، وَالْآخَرُ لِأَبٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ يُفْرَضُ لَهَا بِهَذَا الرَّحِمِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ الْفَرْضَ، سَقَطَ هَذَا الرَّحِمُ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ الْعَمِّ الْآخَرِ، فَلَهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ الْفُرُوضِ، فَلَوْ كَانَ أَبْنَاءُ عَمٍّ، أَحَدُهُمَا زَوْجٌ فَلَهُ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَخًا لِأُمٍّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأَخِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا، فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ، وَتَرْجِعُ إِلَى ثَلَاثَةٍ، وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأَخِ، فَتَكُونُ مِنِ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَا ابْنَيْ عَمِّ أَحَدُهُمَا ابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ، أَوِ ابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَيْسَ لِهَذَا الَّذِي هُوَ ابْنُ أَخٍ، أَوِ ابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ.
فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنَ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ كَانَ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ أَدْلَى بِرَحِمِ جَدَّةِ الْمَيِّتِ أُمِّ أَبِيهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ ابْنُ أَخٍ يُدْلِي بِرَحِمِ أُمِّ الْمَيِّتِ، وَأُمُّ الْمَيِّتِ أَوْلَى مِنْ جَدَّتِهِ، فَهَلَّا كَانَ الَّذِي يُدْلِي بِرَحِمِهَا أَوْلَى مِمَّنْ يُدْلِي بِرَحِمِ الْجَدَّةِ؟ فَالْجَوَابُ: إِنَّمَا يَفْضُلُ بَعْضُ بَنِي الْأَبِ عَلَى سَائِرِهِمْ إِذَا أَدْلَى بِأُمٍّ هِيَ نَظِيرَةٌ لِلْأَبِ الَّذِي أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِرَحِمِ أُمِّ غَيْرِ تِلْكَ الْأُمِّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ هُوَ خَالٌ مِنْ أُمٍّ، لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ مِنَ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ يُدْلِي بِجَدَّةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِرَحِمِ أُمِّ الْأُمِّ، وَهِيَ غَيْرُ الْأُمِّ الَّتِي فِي حَدِّ جِهَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، لَقُلْنَا فِي ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ: هُوَ ابْنُ خَالٍ مِنْ أُمٍّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، لِأَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ بِجَدٍّ وَجَدَّةٍ، فَلَمَّا لَمْ يُقَلْ ذَلِكَ، عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُدْلِيَ بِأُمٍّ هِيَ نَظِيرَةُ الْأَبِ الْمُدْلَى بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُدْلِيَ بِأُمٍّ هِيَ غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا إِلَى الْمَيِّتِ، ذَكَرَهُ الْوَنِّيُّ.
وَمَحَلُّ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَنْ يُسْقِطُ الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ، أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ وَبِنْتٌ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ أَوْ لِبِنْتِ الِابْنِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَسَقَطَ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ.
١ -
(وَإِذَا اجْتَمَعَ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ، بُدِئَ بِذِي الْفَرْضِ، فَأَخَذَ فَرْضَهُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ) لِخَبَرِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» (وَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْفُرُوضُ الْمَالَ، فَلَا شَيْءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute