للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ شَخْصٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَدْلَى بِهِ، فَتَجْعَلَ وَلَدَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ كَأُمَّهَاتِهِمْ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، لَا يُقَالُ: الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا خَالٌ، فَلَا وَارِثَ لَهُ، كَمَا يُقَالُ: الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ، وَالْمَاءُ طِيبُ مَنْ لَا طِيبَ لَهُ، وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَالِ السُّلْطَانَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يَرِثُ مَالَهُ وَيَرِثُهُ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا ذَلِكَ، وَأَنَّهُ سَمَّاهُ وَارِثًا، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ النَّفْيَ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْإِثْبَاتِ، كَقَوْلِهِمْ: يَا عِمَادَ مَنْ لَا عِمَادَ لَهُ، وَيَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ ذُو قَرَابَةِ فَيَرِثُ، كَذَوِي الْفَرْضِ، وَلِأَنَّهُ سَاوَى النَّاسَ فِي الْإِسْلَامِ، وَزَادَ عَلَيْهِمْ بِالْقَرَابَةِ، فَكَانَ أَوْلَى بِمَالِهِ مِنْهُمْ، وَلِهَذَا كَانَ أَحَقَّ فِي الْحَيَاةِ بِصَدَقَتِهِ وَصِلَتِهِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ بِوَصِيَّتِهِ مَعَ أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُرْسَلٌ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ مَعَ ذَوِي الْفَرْضِ وَالْعَصَبَاتِ، وَقَوْلُهُ: لَا يَرِثَانِ مَعَ إِخْوَتِهِمَا، لِأَنَّهُمَا أَقْوَى، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ إِنَّمَا يُثْبَتُ بِالنَّصِّ، وَلَا نَصَّ هُنَا، مَرْدُودٌ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، وَالْإِرْثُ بِالرَّدِّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ، قَالَ الْخَبْرِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُمَا وَرَّثَا الْخَالَ مَعَ الْبِنْتِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَصَبَةٌ، أَوْ مَوْلًى؛ لِئَلَّا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ.

١ -

(وَيَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُمْ يَرِثُونَ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ، فَجَعَلُوا أَوْلَادَهُمْ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ، ثُمَّ أَوْلَادَ الْأَخَوَاتِ، ثُمَّ الْأَخْوَالَ، وَالْخَالَاتِ، وَالْعَمَّاتِ، وَأَوْلَاهُمْ مَنْ كَانَ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ لِأُمٍّ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْخَبْرِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُسَمَّى مَذْهَبُهُمْ قَوْلَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ، وَأَمَّا بَاقِي الْمُوَرِّثِينَ لَهُمْ، فَيُسَمَّوْنَ بِالْمُنَزِّلِينَ، وَهُمْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبٍ، وَإِنَّمَا الْقَوْلُ عَلَى قَوْلِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنَ الْمُنَزِّلِينَ، وَبِهِ يُفْتِي أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْيَوْمَ لِعَدَمِ بَيْتِ الْمَالِ.

(وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ شَخْصٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَدْلَى بِهِ) لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا كُلَّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ الَّذِي يُدْلِي بِهِ، وَقَسَّمُوا نَصِيبَ الْوَارِثِ بَيْنَ الْمُدْلِينَ بِهِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ مِنْهُ، فَإِنْ بَعُدُوا، نَزَلُوا دَرَجَةً دَرَجَةً حَتَّى يَصِلُوا إِلَى مَنْ يَمُتُّونَ بِهِ، فَيَأْخُذُونَ مِيرَاثَهُ. (فَيَجْعَلَ وَلَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>