للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل وَإِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا، وَرِثَ وَوَرَّثَ، وَفِي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ وَالتَّنَفُّسُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَيِّتِ، أَوْ عَمِّهِ، أَوْ أَخِيهِ، كَبِنْتٍ وَعَمٍّ وَامْرَأَةِ أَخٍ حامل، لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي مَوْقُوفٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَرُبَّمَا كَانَ الْحَمْلُ لَا يَرِثُ، إِلَّا إِذَا كَانَ أُنْثَى، كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةِ أَبٍ حَامِلٍ، يُوقَفُ سَهْمُهُ مِنْ سَبْعَةٍ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ أُنْثَى أَخَذَتْهُ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ ذَكَرًا، أَوْ ذَكَرَيْنِ، أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، اقْتَسَمَهُ الزَّوْجُ وَالْأُخْتُ، وَكَذَلِكَ إِنْ تَرَكَتْ أُخْتًا لِأَبٍ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهَا شَيْءٌ لِجَوَازِ أَنْ تَلِدَ ذَكَرًا فَيُسْقِطَهَا.

فَصْلٌ (وَإِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا) سُمِّيَ الصُّرَاخُ اسْتِهْلَالًا تَجَوُّزًا، وَأَصْلُهُ أَنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ، صَاحُوا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَاجْتَمَعُوا، فَأَرَاهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسُمِّيَ الصَّوْتُ عِنْدَ اسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ اسْتِهْلَالًا، ثُمَّ سُمِّيَ الصَّوْتُ مِنَ الْمَوْلُودِ اسْتِهْلَالًا؛ لِأَنَّهُ صَوَّتَ عِنْدَ وُجُودِ شَيْءٍ يُجْتَمَعُ لَهُ، وَيُفْرَحُ بِهِ، وَفَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ الِاسْتِهْلَالَ بِالصُّرَاخِ، وَكَذَا الْمُؤَلِّفُ، لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى حَيَاتِهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ جُعِلَ حَالًا كَانَ فِيهِ إِشْعَارٌ بِانْفِكَاكِ الِاسْتِهْلَالِ عَنْهُ، وَكَذَا إِنْ جُعِلَ تَمْيِيزًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إِلَّا بَعْدَ مَا يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، وَالتَّفْسِيرُ يَأْبَاهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: ٦٠] (وَرِثَ، وَوَرَّثَ) نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَفِي " الرَّوْضَةِ "، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَرِثُ بِغَيْرِ الِاسْتِهْلَالِ، وَفِي لَفْظٍ ذَكَرَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «قَالَ فِي الصَّبِيِّ: إِذَا وَقَعَ صَارِخًا، فَاسْتَهَلَّ وَرِثَ وَتَمَّتْ دِيَتُهُ وَسُمِّيَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَ حَيًّا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ تَتِمَّ دِيَتُهُ وَفِيهِ غُرَّةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>