للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ، انْتُظِرَ بِهِ تَمَامَ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَالُهُ وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ، فَإِنْ مَاتَ مُوْرُوثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، دُفِعَ إِلَى كُلِّ وَارِثٍ الْيَقِينُ، وَوُقِفَ الْبَاقِي، فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَفَاؤُلًا بِالسَّلَامَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَتْ مَفَازَةً مِنْ فَازَ يَفُوزُ، إِذَا مَاتَ، حَكَاهَا ابْنُ الْقَطَّاعِ، فَيَكُونُ مِنَ الْأَضْدَادِ (مَهْلَكَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَاللَّامِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، حَكَاهُمَا أَبُو السَّعَادَاتِ، وَيَجُوزُ ضَمُّ الْمِيمِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَهْلَكَتْ فَهِيَ مُهْلِكَةٌ، وَهِيَ أَرْضٌ يَكْثُرُ فِيهَا الْهَلَاكُ (كَالْحِجَازِ، أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ حَالَ الْحَرْبِ، أَوْ فِي الْبَحْرِ إِذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ) فَسَلِمَ قَوْمٌ دُونَ آخَرِينَ (انْتُظِرَ بِهِ تَمَامَ أَرْبَعِ سِنِينَ) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (ثُمَّ يُقَسَّمُ مَالُهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ، نُصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى اعْتِدَادِ امْرَأَتِهِ، وَحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ، فَفِي الْمَالِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هَلَاكُهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ مِثْلَهَا، وَعَنْهُ: مَعَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يُبَاحُ لِامْرَأَةٍ التَّزَوُّجُ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: هُوَ كَالْقَسْمِ قَبْلَهُ، وَفِي " الْوَاضِحِ "، وَعَنْهُ: زَمَنًا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي عَبْدٍ مَفْقُودٍ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحُرِّ، وَنَقَلَ مُهَنَّا، وَأَبُو طَالِبٍ: هُوَ عَلَى النِّصْفِ.

فَرْعٌ: يُزَكَّى الْمَالُ قَبْلَ قَسْمِهِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لِمَا مَضَى، نُصَّ عَلَيْهِ.

(وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ) فِي أَمْرِهِ، وَقَالَ: قَدْ هِبْتَ الْجَوَابَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أُحِبُّ السَّلَامَةَ، وَلِأَنَّ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ مُتَعَارِضَانِ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ صُوَرِ الْفِقْدَانِ.

(فَإِنْ مَاتَ مَوْرُوثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، دُفِعَ إِلَى كُلِّ وَارِثٍ الْيَقِينُ) هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (وَوُقِفَ الْبَاقِي) حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مُسْتَحِقُّهُ، أَشْبَهَ بِالَّذِي يَنْقُصُ نَصِيبُهُ بِالْحَمْلِ، فَتُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّهُ حَيٌّ، ثُمَّ بِأَنَّهُ مَيِّتٌ، ثُمَّ اضْرِبْ أَحَدَهُمَا أَوْ وَفْقَهَا فِي الْأُخْرَى، وَاجْتَزِئْ

<<  <  ج: ص:  >  >>