للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو، وَصَارَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْآخَرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: يَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِمَا إِذَا ادَّعَى وَارِثُ كُلِّ مَيِّتٍ بِأَنَّ مَوْرُوثَهُ كَانَ آخِرَهُمَا مَوْتًا، فَأَمَّا مَعَ الْجَهْلِ، فَيُوَرَّثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَعَ التَّدَاعِي يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى الْجَهْلِ، لِكَوْنِهَا لَا تُشْرَعُ حِينَئِذٍ، وَاحْتَجَّ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى بِمَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُوَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ قَتْلَى الْيَمَامَةِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ لَمْ يَرِثْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَرَّثُوا عَصَبَتَهُمُ الْأَحْيَاءَ، وَقَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمْ: أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ، فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا. وَلِأَنَّ شَرْطَ التَّوَارُثِ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ، وَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ، فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِهِ، وَلِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي حَيَاتِهِ حِينَ يَرِثُ مَوْرُوثَهُ، فَلَا يَرِثُهُ كَالْحَمْلِ إِذَا وَضَعَتْهُ مَيِّتًا، وَلَا تَوْرِيثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَطَأٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُمَا مَعًا، أَوْ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا، وَتَوْرِيثُ السَّابِقِ بِالْمَوْتِ خَطَأٌ يَقِينًا، مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، فَكَيْفَ يُعْمَلُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةٌ: يُعْطَى كُلُّ وَارِثٍ الْيَقِينَ، وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ، أَوْ يَصْلُحُوا، وَحَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَأَبْطَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " بِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِلَى أَنْ يُعْطِيَ الْأَخَ مَا لَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مِنْ مَالِ الِابْنِ أَكْثَرَ مِنْ سُدُسِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْهُ.

فَرْعٌ: لَوْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نُسِيَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ جُهِلَ، وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ، قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجْرِ الْقَرْعَةُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي النَّسَبِ، وَقَالَ الْوَنِّيُّ: يُعْمَلُ بِالْيَقِينِ، وَيُوقَفُ مَعَ الشَّكِّ.

(فَعَلَى هَذَا لَوْ غَرِقَ أَخَوَانِ: أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ، وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو، وَصَارَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْآخَرِ) لِأَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ مَوْتُ مَوْلَى زَيْدٍ أَوَّلًا اسْتَحَقَّ مِيرَاثَهُ أَخُوهُ، ثُمَّ يُدْفَعُ إِلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ، وَهُوَ مَوْلَاهُ، صَارَ مَالُ مَوْلَى زِيدٍ لِعَمْرٍو، ثُمَّ هَكَذَا يُقَدَّرُ فِي مَوْلَى عَمْرٍو (وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يُوَرَّثْ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ (يَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) لِمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ قَالَ بِالْوَقْفِ، وَقَفَ مَالَهُمَا، وَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ مَوْلَاهُ آخِرُهُمَا مَوْتًا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>