. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قُتِلَ) أَوْ مَاتَ (فِي رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالصَّحِيحُ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَلَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، وَلِأَنَّ مَالَهُ مَالُ مُرْتَدٍّ، أَشْبَهَ الَّذِي كَسَبَهُ فِي رِدَّتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُمْ، فَلَا يَرِثُونَهُ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) رُوِيَ عَنِ الصِّدِّيقِ، وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمْعٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ كَمَرَضِ مَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، أَنَّ عَلَى الْأُولَى: يَأْخُذُونَهُ فَيْئًا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: إِرْثًا.
(وَعَنْهُ: أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي اخْتَارَهُ) رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ يَرِثُهُ أَهْلُ دِينِهِ كَالْحَرْبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَرِثُهُ، فَهُوَ فَيْءٌ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ تِلَادِ مَالِهِ وَطَارِئِهِ، فَإِنِ ارْتَدَّ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، وُقِفَ مَالُهُ إِلَى أَنْ يَمُوتَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِحُكْمِ الزِّنْدِيقِ، وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، الَّذِي كَانَ يُسَمَّى مُنَافِقًا فِي عَصْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، حُكْمُهُ كَالْمُرْتَدِّ، قَالَ فِي " الْفُصُولِ ": وَآكَدُ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْمُرَادُ إِذَا لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، وَاحْتَجَّ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ: بِكَفِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمْ بِإِظْهَارِ الشَّهَادَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِبَاطِنِهِمْ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْمُنَافِقَ يَرِثُ وَيُورَثُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَأْخُذْ مِنْ تَرِكَةِ مُنَافِقٍ شَيْئًا، وَلَا جَعَلَهُ فَيْئًا، فَعُلِمَ أَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النُّصْرَةِ الظَّاهِرَةِ، وَاسْمُ الْإِسْلَامِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ إِجْمَاعًا، وَلَا لِحُكْمِ الدَّاعِيَةِ، وَهُوَ إِذَا دُعِيَ إِلَى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ، فَمَالُهُ فَيْءٌ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَهْمِيِّ، وَعَلَى الْأَصَحِّ أَوْ غَيْرِ دَاعِيَةٍ وَهُمَا فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute