للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لَمْ يُقْطَعْ مِيرَاثُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ سِوَاهَا، وَإِنْ فَعَلَتْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الصَّدَاقِ، وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى تَنْصِيفِ الصَّدَاقِ، وَنَفَى الْعِدَّةَ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَلَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَشْبَهَتِ الْمُطَلَّقَةَ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ خَلَا بِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَطْءَ وَصَدَّقَتْهُ، فَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْوَفَاةِ، وَيَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تَكْفِي فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ (فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْهُ) لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِاخْتِيَارِهَا مَا يُنَافِي نِكَاحَ الْأَوَّلِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَخَتِ النِّكَاحَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَاقِيَةً مَعَ الزَّوْجِ الثَّانِي، أَوْ بَانَتْ مِنْهُ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.

(وَإِنْ أَكْرَهَ الِابْنُ) وَهُوَ عَاقِلٌ وَارِثٌ (امْرَأَةَ أَبِيهِ) أَوْ جَدِّهِ الْمَرِيضِ (عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا) مِنْ وَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يُقْطَعْ مِيرَاثُهَا) لِأَنَّهُ قَصَدَ حِرْمَانَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَانَهَا زَوْجُهَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَادَ إِرْثُهُ أَوْ نَقَصَ، أَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ أُخَرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، أَوْ فَاتَ إِرْثُهُ بِقَتْلٍ أَوْ حَجْبٍ، فَإِنْ طَاوَعَتْهُ، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا مُشَارِكَةٌ لَهُ فِيمَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا، أَشَبَهَ مَا لَوْ خَالَعَتْهُ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ) وَارِثَةٌ (سِوَاهَا) فَإِنَّ الْمُسْتَكْرَهَةَ لَا تَرِثُ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الِابْنُ مَجْنُونًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا، أَوِ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ، لَمْ تَرِثْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَالِاعْتِبَارُ بِالتُّهْمَةِ حَالَ الْإِكْرَاهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ ابْنُ الِابْنِ وَارِثًا بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ تَرِثْ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حَالَ الْوَطْءِ وَعَكْسُهُ لَوْ كَانَ وَارِثًا حَالَ الْوَطْءِ، فَعَادَ مَحْجُوبًا، وَرِثَتْ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ حِينَ الْوَطْءِ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ أَوْ بَعْضَهُ، لَمْ تَرِثْهُ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ لَوْ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ مُضَارَّةً لِيَنْتَقِضَ إِرْثَ غَيْرِهَا، وَأَقَرَّتْ بِهِ، لَمْ تَرِثْهُ، وَمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تَرِثُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ امْرَأَتَانِ، فَاسْتَكْرَهَ ابْنُهُ إِحْدَاهُمَا، لَمْ تَرِثْهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، لِكَوْنِ مِيرَاثِهَا لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَكْرَهَ الثَّانِيَةَ بَعْدَهَا، وَرِثَتْ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمَا، فَإِنِ اسْتَنْكَرَهُمَا مَعًا، وَرِثَتَا مَعًا.

مَسْأَلَةٌ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ إِذَا وَطِئَ حَمَاتَهُ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَبِينُ مِنْهُ، وَتَرِثُهُ، سَوَاءً طَاوَعَتْهُ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ حِينَ الْوَطْءِ، لَمْ تَرِثْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ، فَلَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>