الْأَصْلِ، وَلَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ، فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً، أَوْ فِي زَكَائِهِ، أَوْ نَذْرِهِ، أَوْ كَفَّارَتِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَالثَّانِيَةُ: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَمَا رَجَعَ فِي مِيرَاثِهِ، رَدٌّ فِي مِثْلِهِ، يَشْتَرِي بِهِ رِقَابًا يَعْتِقُهُمْ، وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَجِيزِ، وَفِي حُرِّ الْأَصْلِ: إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً، فَعَتَقَ وَلَدُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، فَلَهُ وَلَاؤُهُ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً) كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُكَ سَائِبَةً، كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ لِلَّهِ، أَوْ أَعْتَقْتُكَ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْكَ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَسْيِيبِ الدَّوَابِّ، وَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ، وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، حَكَاهُمَا الشَّيْخَانِ، فَأَشْهَرُهُمَا - وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، حَتَّى إِنَّ الْقَاضِي وَالشَّرِيفَ وَأَبَا الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَابْنَ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ لَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا - أَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَعْتَقَ سَائِبَةً، فَمَاتَ، فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بِمَالِهِ رِقَابًا، فَأَعْتَقَهُمْ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ: بِأَنَّهُ جَعَلَهُ لِلَّهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَفِي عَقْلِهِ لِكَوْنِهِ مُعْتِقًا، وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، جَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهُوَ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنِّي أَعْتَقْتُ عَبْدًا، وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً فَمَاتَ، وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسِيِّبُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسِيِّبُونَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ، وَإِنْ تَأَثَّمْتَ وَتَحَرَّجْتَ فِي شَيْءٍ، فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ، وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَا فِي مِيرَاثِ السَّائِبَةِ: هُوَ الَّذِي أَعْتَقَهُ (أَوْ فِي زَكَائِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ) لِلْعُمُومِ، وَلِأَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْعِتْقَ، وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لَهَا، (وَالثَّانِيَةُ: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَى السَّاعِي، فَاشْتَرَى بِهَا وَأَعْتَقَ، وَكَمَا لَوْ دَفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ مَالًا، فَأَدَّاهُ فِي كِتَابَتِهِ، وَفَارَقَ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِهِ، وَالْعِتْقُ فِي الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الْعِتْقَ فِي الزَّكَاةِ (وَمَا رَجَعَ مِنْ مِيرَاثِهِ رَدٌّ فِي مِثْلِهِ، يَشْتَرِي بِهِ رِقَابًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute