للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ، وَلَا يَعُودُ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِحَالٍ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْجَدَّ، لَمْ يُجَرَّ وَلَاؤُهُمْ، فِي أَصَحِّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَارِثًا، وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ، فَكَانَ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، يَنْقَطِعُ نَسَبُهُ عَنْ أَبِيهِ، فَثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، وَانْتَسَبَ إِلَيْهَا، فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ، صَلُحَ لِلِانْتِسَابِ، وَعَادَ وَارِثًا وَلِيًّا، فَعَادَتِ النِّسْبَةُ إِلَيْهِ وَإِلَى مَوَالِيهِ، كَمَا لَوِ اسْتَلْحَقَ الْمُلَاعِنُ وَلَدَهُ.

فَائِدَةٌ: اللَّعَسُ سَوَادٌ فِي الشَّفَتَيْنِ تَسْتَحْسِنُهُ الْعَرَبُ، وَمِثْلُهُ اللَّمْيَاءُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وَفِي اللِّثَاتِ وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ

(وَلَا يَعُودُ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِحَالٍ) أَيْ: إِذَا انْجَرَّ الْوَلَاءُ إِلَى مَوَالِي الْأَبِ، ثُمَّ انْقَرَضُوا، عَادَ الْوَلَاءُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِحَالٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَجْرِي مَجْرَى الِانْتِسَابِ، وَلَوِ انْقَرَضَ الْأَبُ وَآبَاؤُهُ، لَمْ يَعُدِ النَّسَبُ إِلَى الْأُمِّ، فَكَذَا الْوَلَاءُ، فَعَلَيْهِ لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ، كَانَ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أَبِيهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَّانِ، عَادَ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنْ عَادَ، فَاسْتَلْحَقَهُ عَادَ الْوَلَاءُ إِلَى مَوَالِي الْأَبِ.

فَرْعٌ: حُكْمُ الْمُكَاتَبِ يَتَزَوَّجُ فِي كِتَابَتِهِ، فَيُولَدُ لَهُ ثُمَّ يُعْتَقُ، حُكْمُ الْقِنِّ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ.

أَصْلٌ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إِلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَبْدًا حِينَ الْوِلَادَةِ، فَإِنْ كَانَ حُرًّا، وَزَوْجَتُهُ مَوْلَاةً، فَإِنْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهِ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ مَوْلًى، ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَى وَلَدِهِ لِمَوَالِيهِ أَبَدًا، وَلَا جَرَّ فِيهِ.

الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مَوْلَاةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا بِحَالٍ، وَهُمْ أَحْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا، فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَوَلَاؤُهُمْ لَهُ مُطْلَقًا، لَا يَنْجَرُّ عَنْهُ بِحَالٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّقِّ، لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ بِحَالٍ، فَإِنِ اخْتَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَمَوْلَى الْأُمِّ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَ سَيِّدُهُ: مَاتَ حُرًّا بَعْدَ جَرِّ الْوَلَاءِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَوْلَى الْأُمِّ، قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ.

(وَإِنْ أَعْتَقَ الْجَدَّ) قَبْلَهُ (لَمْ يُجَرَّ وَلَاؤُهُمْ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) قَالَ أَحْمَدُ: الْجَدُّ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>