للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي: وَالْقِيَاسُ أَنه لا يُعْتَقَ، وَإِذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ، فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ، وَعَنْهُ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حَرَّقَهُ بِالنَّارِ (عَتَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ: بِلَا حُكْمٍ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ زِنْبَاعًا جَدَعَ عَبْدًا، فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، لَا مُكَاتَبَ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَا يَحْصُلُ بِضَرْبِهِ وَخَدْشِهِ، وَفِي اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَجْهَانِ، وَالْأَشْهُرُ ثُبُوتُهُ وَلَوْ زَادَ ثَمَنُهُ بِجبٍّ أَوْ خِصَاءٍ، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ حَلُّ الزِّيَادَةِ (وَقَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ) كَالْمُكَاتَبِ ; لِأَنَّ سَيِّدَهُ، لَمْ يُعْتِقْهُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ، وَلَا كِنَايَةٍ، فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، أَشَبَهَ جِنَايَتَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَحِينَئِذٍ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ.

فَرْعٌ: إِذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ الْمُبَاحَةَ لَهُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَأَفْضَاهَا، عُتِقَتْ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلًا يَزْنِي بِهَا، فَأَفْضَاهَا، فَاحْتِمَالَانِ.

(وَإِذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ، فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ) نَصَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لِغُلَامِهِ عُمَيْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَا لِلسَّيِّدِ، فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَبَقِيَ مِلْكُهُ فِي الْآخَرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ (وَعَنْهُ: لِلْعَبْدِ) وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>