للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ، وَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالثَّانِي: لَا يَسْرِي، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّ فِيهِ تَقْدِيرَ الْمِلْكِ، وَالْكَافِرُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُسْلِمَ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِضَمَانِ تَمْلِيكٍ، إِنَّمَا هُوَ ضَمَانُ إِتْلَافٍ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، إِذْ لَوْ صَحَّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاءٌ، وَالْفَرْضُ أَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى مَا عَتَقَ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ يُعْتَقُ، وَالْمَحْذُورُ مَغْمُورٌ بِمَا حَصَلَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعِتْقِ.

(وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا ; لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ) أَيْ: مُعْتَرِفٌ بِحُرِّيَّةِ نَصِيبِهِ، شَاهِدٌ عَلَى شَرِيكِهِ بِحُرِّيَّةِ نِصْفِهِ الْآخَرِ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ لِشَرِيكِهِ: أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ، فَسَرَى الْعِتْقُ إِلَى نَصِيبِي، فَعَتَقَ كُلُّهُ عَلَيْكَ، وَلَزِمَكَ قِيمَةُ نَصِيبِي، فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِهِمَا بِحُرِّيَّتِهِ (وَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَبَرِئَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا، قَضَى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا، سَقَطَ حَقُّهُمَا لِتَمَاثُلِهِمَا (وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَنْتَ الْمُعْتِقُ، وَوَلَاؤُهُ لَكَ، لَا حَقَّ لِي فِيهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ; لِتَسَاوِي الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ فِي الِاعْتِرَافِ وَالدَّعْوَى، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَحَدُهُمَا، ثَبَتَ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ سِوَاهُ، وَلَزِمَهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ; لِاعْتِرَافِهِ بِهِمَا، وَلَهُ وَلَاؤُهُ كُلُّهُ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، لَمْ يُعْتَقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّ عِتْقَ الْمُعْسِرِ لَا يَسْرِي إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ هُوَ شَاهِدٌ عَلَى صَاحِبِهِ، بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ، فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، فَلَا أَثَرَ لِكَلَامِهِمَا، وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمَا ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا، وَقُبِلَ فِي الْعِتْقِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُمَا، عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِنْ حَلَفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، عَتَقَ نِصْفُهُ، عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَيَبْقَى نِصْفُهُ رَقِيقًا، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَذَكَرَهُ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ، وَلَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ (وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ حِينَئِذٍ) لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِحُرِّيَّتِهِ (وَلَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِهِ) لِأَنَّ السِّرَايَةَ فَرْعُ الْإِعْتَاقِ، وَلَمْ يُوجَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>