عَلَى أَلْفٍ، عَتَقَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْعَبْدُ، لَمْ يُعْتَقْ، وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقْبَلَ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً، فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَقْبَلْ، لَمْ يُعْتَقْ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، وَعَلَيْكَ أَلْفٌ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، عَتَقَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، ذَكَرَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَقْبَلْهُ، فَلَمْ يُعْتَقْ بِهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، وَعَلَيْكَ مِائَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ (وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْعَبْدُ، لَمْ يُعْتَقْ) نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ قَصَدَ الْمُعَاوَضَةَ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلِ الْعَبْدُ وَجَبَ أَنْ يَبْقَى الْمَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقْبَلَ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، لَمْ يُعْتَقْ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ ; لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يُعْتَقْ بِدُونِ قَبُولِهِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بِمِائَةٍ أَوْ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِمِائَةٍ ; لِأَنَّ عَلَى تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْعِوَضِ {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: ٦٦] و {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧] وَلَوْ قَالَ فِي النِّكَاحِ: زَوَّجْتُكَ فُلَانَةً ابْنَتِي عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَقَبِلَ الْآخَرُ، صَحَّ، وَوَجَبَ الصَّدَاقُ، وَقَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَكِ، كَقَوْلِهِ: عَلَى مِائَةٍ، وَإِنْ أَبَاهُ، لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِقَبُولِهَا مَجَّانًا، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ، فَإِنْ بَاعَهُ نَفْسَهُ، بِمَالٍ فِي يَدِهِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعُتِقَ فِي الْحَالِ، وَفِي الْوَلَاءِ رِوَايَتَانِ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً فَكَذَلِكَ) أَيْ: يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ، وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَقْبَلْ، لَمْ يُعْتَقْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً) لِأَنَّ قَصْدَ الْمُعَاوَضَةِ فِيهَا ظَاهِرٌ، فَعَلَى هَذَا إِذَا قَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَتْهُ خِدْمَتُهُ سَنَةً، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ كَمَالِ السَّنَةِ، رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنَ الْخِدْمَةِ ; لِأَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْعِوَضِ، رَجَعَ إِلَى قِيمَتِهِ، كَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَبْدِ، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، نَقَلَ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا مِنَ الْعَبْدِ، أَوْ مِمَّنْ شَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوِ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ، وَذَكَرُوا صِحَّتَهُ فِي الْوَقْفِ، وَهَذَا مَثَّلَهُ بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute