للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَسَائِرِ أُمُورِهَا، إِلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوُقُوفِ، أَوْ مَا يُرَادُ لَهُ كَالرَّهْنِ، وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَا عَمَلَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حَمْدَانَ: أَوْ وَطِئَهَا فِي أَثْنَاءِ حَمْلِهَا أَوْ وَسَطِهِ ; لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى تَحْبَلَ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ، وَيَحْرُمُ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيَعْتِقُهُ نَصًّا (وَأَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ أَحْكَامُ الْأَمَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ أَشْبَهَتِ الْقِنَّ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ، فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» أَوْ قَالَ: مِنْ بَعْدِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الرِّقِّ، فَعَلَى هَذَا لِسَيِّدِهَا كَسْبُهَا (وَسَائِرِ أُمُورِهَا) كَالتَّزْوِيجِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِمَاءِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَوْنُهَا لَا تَرِثُ، بَلْ تَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، وَيُحَدُّ قَاذِفُهَا، وَتُسْتَرُ سَتْرَ الْحُرَّةِ عَلَى رِوَايَةٍ، نَعَمْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ، وَلِهَذَا لَوْ طَرَأَ الِاسْتِيلَادُ عَلَى التَّدْبِيرِ أَبْطَلَهُ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: قُلْتُ: يَصِحُّ إِنْ جَازَ بَيْعُهَا، وَقُلْنَا: عِتْقٌ بِصِفَةٍ، وَقَدْ يُرَدُّ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ لَا يَطَؤهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا، فَجَعَلَ الْعِلَّةَ عَدَمَ الْبَيْعِ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، أَنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا (إِلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكُ فِي رَقَبَتِهَا كَالْبَيْعِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَالَ: لَا يُبَعْنَ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُورَثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا السَّيِّدُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «ذُكِرَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَرَوَى سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْمُغيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ شَاوَرَنِي عُمَرُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَرَأَيْتُ أَنَا وَعُمَرُ أَنْ أُعْتِقَهُنَّ، فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيتُ رَأَيْتُ فِيهِنَّ رَأْيًا، قَالَ عُبَيْدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِ عَلِيٍّ وَحْدَهُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْإِجْمَاعِ (وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ أَوْ مَا يُرَادُ لَهُ) أَيْ: لِلْبَيْعِ (كَالرَّهْنِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي انْعِقَادَ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَيُبْطِلُهُ (وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>