ذَلِكَ بِذِمَّتِهَا. وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَوا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا، وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ فَدَاهَا أَوَّلًا بِالْأَرْشِ، لَزِمَهُ فَدَاؤُهَا ثَانِيًا بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا بِلَا خِلَافٍ.
فَرْعٌ: إِذَا جَنَتْ جِنَايَاتٍ قَبْلَ الْفِدَاءِ، تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجَمِيعِ بِرَقَبَتِهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا كُلِّهَا إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ أَرْشُ جَمِيعِهَا، وَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي الْوَاجِبِ لَهُمْ، فَإِنْ أَبْرَأَ بَعْضَهُمْ مِنْ حَقِّهِ، تَوَفَّرَ الْوَاجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ، إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا قَبْلَ الْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْهَا بَعْدَ فِدَائِهِ تَوَفَّرَ أَرْشُهَا عَلَى سَيِّدِهَا.
(وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ) إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَهُوَ الْوَارِثُ وَحْدَهُ، فَلَا قِصَاصَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ الدَّمِ، وَحِينَئِذٍ إِذَا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ، فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا، وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَعَنْهُ: يَقْتُلُهَا أَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) كَذَا أَطْلَقَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ; لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وُجِدَتْ مِنْهَا، وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ وَابْنُ حَمْدَانَ: عَلَيْهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشُ جِنَايَتِهَا، وَلَعَلَّ إِطْلَاقَ الْأُولَى مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ إِذِ الْغَالِبُ أَنَّ قِيمَةَ الْأَمَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ; لِأَنَّ عِنْدَ آخِرِ جُزْئِيَّاتِ الْمَقْتُولِ عَتَقَتْ، وَوَجَبَ الضَّمَانُ (وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) لِأَنَّ الْمُقْتَضَى فِي عِتْقِهَا قَدْ زَالَ، إِذْ لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَعْتِقَ كَالْقَاتِلِ لَا يَرِثُ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهَا وَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ كَمَا هُوَ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَذَلِكَ النَّسَبُ سَبَبٌ لِلَازِمِهِ، فَكَمَا جَازَ تَخَلُّفُ الْإِرْثِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ بِالنَّصِّ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَلَّفَ الْعِتْقُ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ ; لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، قَالَ السَّامِرِيُّ: إِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute