أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْلَدَهَا، فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإِنْ جَهِلَ إِيلَادَ شَرِيكِهِ أَوْ أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَفَقَتَهَا عَلَى سَيِّدِهَا وَكَسْبَهَا لَهُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهَا تَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى بَيْعِهَا، وَلَا إِقْرَارَ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ سَلَفًا فِي ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يُثْبِتِ الثَّانِي أَيْضًا، فَقَالَ: أَظُنُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَطْلَقَ ذَلِكَ لَمُهَنَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاظَرَةِ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا تُسْتَسْعَى فِي حَيَاتِهِ وَتُعْتَقُ) نَقَلَهَا مُهَنَّا، قَالَهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّ بَيْعَهَا وَعِتْقَهَا مَجَّانًا مَنْفِيَّانِ، وَكَذَلِكَ إِقْرَارُ الْمِلْكِ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِقْرَارِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَسَلَكَ بِهَا طَرِيقَهُ، وَهُوَ الِاسْتِسْعَاءُ (وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ) حُرِّمَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ وَأُدِّبَ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَقُدِحَ فِي عَدَالَتِهِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ، فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا لِشَرِيكِهِ طَالَمَا طَاوَعَتْهُ أَوْ لَا، وَنَقَلَ حَرْبٌ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا، فَقَدْ نَقَصَ مِنْهَا، فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَالثَّيِّبُ لَمْ تَنْقُصْ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ: إِذَا وضعت مَا يُتَبَيَّنُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ خَالِصَةً لَهُ، وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِ الشَّرِيكِ، مُوسِرًا كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ مُعْسِرًا ; لِأَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنَ الْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَرِيضِ وَالْمَجْنُونِ (وَوَلَدُهُ حُرٌّ) يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِوَالِدِهِ ; لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الْإِحْرَامِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ حُرًّا، وَنِصْفُهُ رَقِيقًا كَأُمِّهِ، وَكَوَلَدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِلَّ انْعِقَادُ الْوَلَدِ مِنْ حُرٍّ وَقِنٍّ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا، وَعَنْهُ: وَنِصْفُ مَهْرِهَا، وَعَنْهُ: وَنِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ (فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَوْلَدَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا) لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ نِصْفَهُ انْتَقَلَ إِلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ بِالِاسْتِيلَادِ (فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ) كَوَطْءِ الْأَمَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ ; لِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ، وَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ (وَإِنْ جَهِلَ إِيلَادَ شَرِيكِهِ أَوْ أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute