وَلِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ، وَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ غَيْرِ ذِي الشَّهْوَةِ النَّظَرُ إِلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَا شَهْوَةٍ، فَهُوَ كَذِي الْمَحْرَمِ، وَعَنْهُ: كَالْأَجْنَبِيِّ. وَلِلْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِيَعْرِفَهَا بِعَيْنِهَا، فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالدَّرْكِ، وَنَصُّهُ: وَكَفَّيْهَا مَعَ الْحَاجَةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَنْظُرَانِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: يَنْظُرُ الْبَائِعُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إِنْ كَانَتْ عَجُوزًا، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى أَكْرَهُ ذَلِكَ، (وَلِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ) وَلَمْسِهِ حَتَّى دَاخِلِ الْفَرَجِ ; لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا حَكَّمَ سَعْدًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَ يَكْشِفُ عَنْ مُؤْتَزَرِهِمِ» ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَفِي " الْفُرُوعِ ": يَجُوزُ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ صَاحِبُ " النَّظْمِ " فِي وَجْهٍ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَخْذَ الدَّوَاءِ مِنْ كَافِرٍ لَا يَعْرِفُ مُفْرَدَاتِهِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطُوهُ سُمًّا أَوْ نَجَسًا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي دَوَاءٍ مُبَاحٍ وَكَرِهَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَأَنْ يَسْتَطِبَّهُ بِلَا ضَرُورَةٍ.
خَاتِمَةٌ: مَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَمَرِيضَةٍ فِي اسْتِنْجَاءٍ، وَوُضُوءٍ، وَغَيْرِهَا كَطَبِيبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا حَالِقٌ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ نَصًّا.
(وَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ غَيْرِ ذِي الشَّهْوَةِ النَّظَرُ إِلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ) ; لِأَنَّهُ لَا شَهْوَةَ لَهُ، أشْبهَ الطِّفْل ; وَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لِلرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَوْنُهُ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ، وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا.
وَقَالَ فِي " الشَّرْحِ ": الطِّفْلُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يَجُبِ الِاسْتِتَارُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ (فَإِنْ كَانَ ذَا شَهْوَةٍ، فَهُوَ كَذِي الْمَحْرَمِ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّظَرُ لَمَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، (وَعَنْهُ: كَالْأَجْنَبِيِّ) ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَالِغِ فِي الشَّهْوَةِ، وَمِثْلُهُ بِنْتُ تِسْعٍ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلَ أَحْمَدَ رِوَايَةً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا بَلَغَتِ الْحَيْضَ، فَلَا تَكْشِفُ إِلَّا وَجْهَهَا» وَنَقَلَ جَعْفَرٌ فِي الرَّجُلِ عِنْدَهُ الْأَرْمَلَةُ وَالْيَتِيمَةُ: لَا يَنْظُرُ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَظَرِ الْوَجْهِ بِلَا شَهْوَةٍ (وَلِلْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) وَلَوْ أَمْرَدٌ يَنْظُرُ غَيْرَ الْعَوْرَةِ ; لِأَنَّ النِّسَاءَ الْكَوَافِرَ كُنَّ يَدْخُلْنَ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَكُنْ يَحْتَجِبْنَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute