. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْخَلْوَةِ، لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ: تَوَضَّأْ أَنْتَ هَا هُنَا، وَهِيَ هَا هُنَا، فَإِذَا خَلَتْ بِهِ فَلَا تَقْرَبَنَّهُ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، ثُمَّ فِي مَعْنَى الْخَلْوَةِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: انْفِرَادُهَا بِهِ عَنْ مُشَارَكَةِ رَجُلٍ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ الْأَصَحُّ: أَنْ لَا يُشَاهِدَهَا أَحَدٌ عِنْدَ طَهَارَتِهَا، فَعَلَى هَذَا، هَلْ تَزُولُ بِمُشَاهَدَةِ الْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ، وَالْكَافِرِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَزُولُ، كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالثَّانِي: لَا تَزُولُ إِلَّا بِمُشَاهَدَةِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالثَّانِيَةُ: تَجُوزُ، وَهِيَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهُوَ أَقْيَسُ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنَابَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ مِنْ فَضْلِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْهُ فَقَالَ: الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ» ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْخَلْوَةِ، لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْصِدُ الْخَلْوَةَ فِي الِاغْتِسَالِ، وَكَاسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا، وَكَإِزَالَتِهَا بِهِ نَجَاسَةً، وَكَامْرَأَةٍ أُخْرَى، وَكَتَطَهُّرِهَا بِمَا خَلَا بِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إِجْمَاعًا، وَفِي ثَالِثَةٍ: يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى رِوَايَةِ الطَّهُورِيَّةِ، وَقِيلَ: أَوِ الطَّاهِرِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَاقْتَضَى كَلَامُهُ: أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهِ لِلشُّرْبِ، أَوِ التَّبْرِيدِ، أَوِ التَّنْظِيفِ مِنْ وَسَخٍ لَا أَثَرَ لَهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ لِغَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا عَنْ حَدَثٍ، أَوْ فِي طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ، أَوْ طَهَارَةِ خَبَثٍ أَثَّرَتْ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْمُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إِلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْكَامِلَةِ.
فَرْعٌ: الْخُنْثَى هُنَا كَرَجُلٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ كَامْرَأَةٍ. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: هَلْ تُلْحَقُ الصَّبِيَّةُ بِالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيُّ بِالرَّجُلِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَفِيمَا تَيَمَّمَتْ بِهِ خَلْوَةً احْتِمَالَانِ.
تَذْنِيبٌ: إِذَا اغْتَرَفَ بِيَدِهِ مِنَ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهِ، صَارَ مُسْتَعْمَلًا، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute