للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَلْ تَحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ بَاشَرَ امْرَأَةً، أَوْ نَظَرَ إِلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْغَالِبِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا مَفْهُومَ لَهُ اتِّفَاقًا، وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَارِثَةً أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَا، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ (فَإِنْ مِتْنَ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ مَاتَتْ (فَهَلْ تَحْرَمُ بَنَاتُهُنَّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] وَكَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ، لَا يَجْرِي مَجْرَى الدُّخُولِ فِي الْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قِيَاسًا عَلَى تَكْمِيلِ الْعِدَّةِ وَالصَّدَاقِ.

(وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ) اتِّفَاقًا (وَالْحَرَامِ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وَفِيهَا دَلَالَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الْوَطْءِ دُونَ الْعَقْدِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: ٢٢] وَهَذَا التَّغْلِيظُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْوَطْءِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ ; وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْمُبَاحِ تَعَلَّقَ بِالْمَحْظُورِ، كَوَطْءِ الْحَائِضِ ; وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يُفْسِدُهُ الْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ، وَأَفْسَدَهُ الْوَطْءُ الْحَرَامُ كَالْإِحْرَامِ، وَذَكَرَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " و" الْمُغْنِي "، و" التَّرْغِيبِ ": وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ، وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: لَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْحَلَالَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ (فَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً) لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالرَّضَاعِ، وَالثَّانِي - وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ -: لَا يَنْشُرُهَا ; لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْوَطْءِ، وَذَلِكَ يُبْطِلُهَا، وَفِي الْمَذْهَبِ: هُوَ كَنِكَاحٍ، فِيهِ شُبْهَةٌ وَجْهَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>