تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، أَوْ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً - فَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] (وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا) إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ، وَفِي " التَّمْهِيدِ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ، وَإِفْضَاؤُهُ إِلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَيَحْصُلُ تَخْصِيصُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَضَابِطُهُ: كُلُّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ، وَلِهَذَا حَرُمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا ; لِأَنَّ الْأَخَ لَا يُبَاحُ لَهُ بِنْتُ أُخْتِهِ، وَابْنُ الْأُخْتِ لَا تُبَاحُ لَهُ خَالَتُهُ، وَأُبِيحَ الْجَمْعُ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْنِ وَبِنْتَيْ خَالَيْنِ، وَبِنْتَيْ عَمَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ خَالَتَيْنِ ; لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ عَمِّهِ، وَابْنُ الْخَالِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ خَالَتِهِ، وَهَلْ يُكْرَهُ لِأَجْلِ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ إِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً أَوْ لَا يُكْرَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ، بِأَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَابْنُهُ أُمُّهَا، فَوُلِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنْتٌ، وَبَيْنَ عَمَّتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ أُمَّ رَجُلٍ وَالْآخَرُ أُمَّهُ، فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنْتٌ، وَبَيْنَ خَالَتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلٌّ مِنْهُمَا ابْنَةَ الْآخَرِ لَا بَيْنَ أُخْتِ رَجُلٍ مِنْ أَبِيهِ وَبَيْنَ أُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ، وَلَا بَيْنَ مَنْ كَانَتْ زَوْجَةَ رَجُلٍ، وَبِنْتُهُ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنَّ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مَعًا (لَمْ يَصِحَّ) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا، وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، (وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، أَوْ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً، فَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ) ; لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ، فَاخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِهِ، لَكِنْ إِنْ جُهِلَ السَّابِقُ فُسِخَ النِّكَاحَانِ، وَعَنْهُ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute