عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ، لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَعَنْهُ: لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا، لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ، فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْرِيمِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ -: أَحَلَّتْهَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهَا أُخْرَى، يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا} [النساء: ٢٣] {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] (فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى) فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ ; لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَارَتْ فِرَاشًا، وَقَدْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ الَّتِي كَانَتْ فِرَاشًا، فَحَرُمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِكَوْنِ الْأُخْرَى فِرَاشًا، كَمَا لَوِ انْفَرَدَتْ، وَاخْتَارَ فِي " الْمُغْنِي ": إِنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ، وَاخْتَارَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": بَلْ أَيَّتَهُمَا شَاءَ، وَأَنَّهَا إِنْ عَادَتْ بَعْدَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَأُخْتُهَا الْمُبَاحَةُ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: هَذَا إِذَا لَمْ يَجِبِ اسْتِبْرَاءٌ، فَإِنْ وَجَبَ لَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُ أُخْتِهَا، وَهُوَ حَسَنٌ، فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُمَا حَتَّى تَحْرُمَ إِحْدَاهُمَا، وَأَبَاحَ الْقَاضِي وَطْءَ الْأُولَى بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الثَّانِيَةِ (وَعَنْهُ: لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ) حَكَاهَا الْقَاضِي وَالشَّيْخَانِ مُعْتَمِدِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ تَقُولُ: إِنَّهُ حَرَامٌ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، وَامْتَنَعَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ رِوَايَةً، وَهَذَا أَدَبٌ فِي الْفَتْوَى، كَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُهُ السَّلَفُ، لَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ التَّحْرِيمِ، يَقُولُونَ: يُنْهَى عَنْهُ.
فَرْعٌ: لَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً، فَلَهُ وَطْءُ الْمُسْلِمَةِ، ذَكَرَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ ".
(وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ) أَوْ أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا، لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّ النِّكَاحَ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ بِهِ فِرَاشًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَرِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأُخْتِ كَالْوَطْءِ (وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَصِحُّ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ، فَجَازَ أَنْ يَرِدَ عَلَى وَطْءِ الْأُخْتِ، وَلَا يُبِيحُ كَالشِّرَاءِ (وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَحْرُمَ الْمَوْطُوءَةُ) ; لِئَلَّا يَكُونَ جَامِعًا مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنَ النِّكَاحِ ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَوْ سُلِّمَ تَسَاوِيهِمَا، فَسَبَقَ مِلْكُ الْيَمِينَ مُعَارِضَهُ، وَعَنْهُ: تَحْرِيمُهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إِحْدَاهُمَا، وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute