للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ مَعَهَا، فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا، فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ، وَيَفْدِيهِمْ إِذَا عُتِقَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رِوَايَةِ ابْنَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ، فَفِي الرُّجُوعِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا - هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُؤَلِّفِ -: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا لِمَكَانِ الْغُرُورِ، وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا أَوْ ذِمَّتِهَا عَلَى وَجْهَيِ اسْتِدَانَةِ الْعَبْدِ بِدُونِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، وَالثَّانِي - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ -: لَا رُجُوعَ ; إِذِ الْوَلَدُ مِلْكُ السَّيِّدِ، وَهِيَ لَا تَمْلِكُ بَذْلَ ذَلِكَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ طَرَفِهَا، وَلِمُسْتَحَقِّ الْفِدَاءِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ أَوَّلًا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) ; لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، أَشْبَهَ الْمَنْكُوحَةَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بِلَا رِضًا، وَكَذَا إِنْ تَزَوَّجَهَا بِلَا رِضَا سَيِّدِهَا أَوِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": أنَّ الْمَغْرُورَ الْحُرَّ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُهُ فِي وَجْهٍ، بَلْ لَهُ الْخِيَارُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْحُرِّ، وَفِي الْعَبْدِ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) ; لِأَنَّهُ غُرَّ بِحُرِّيَتِهَا، فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ غُرَّتْ بِحُرِّيَتِهِ ; وَلِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِهِ بِالْوَلَدِ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا (فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ مَعَهَا، فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ رَقِيقٌ) ; لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ إِذَنْ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ عُمَرَ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ عُلِّقَتْ بِهِ قَبْلَ الرِّضَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَعَلَّلَهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَحْكَامِ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَضْعِ، أَمَّا هُنَا فَقَدْ جَعَلَ الْحُكْمَ مَنُوطًا بِالْعُلُوقِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ، وَإِنِ اخْتَارَ فَسْخَ النِّكَاحِ انْفَسَخَ، وَعُمُومُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ كَالْحُرِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ لِتَسَاوِيهِمَا.

تَنْبِيهٌ: مَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ مُكَاتَبَةٍ أَوْ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ - فَكَالْأَمَةِ وَلَا مَهْرَ فِي الْأَصَحِّ ; لِمُكَاتَبَةٍ غَارَّةٍ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَوَلَدُهَا مُكَاتَبٌ، فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ فَيَسْقُطُ، وَوَلَدُهَا يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ، وَلَوْ أَوْهَمَتْهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ بِظَنِّهِ فَمَوْطُوءَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَوْهَمَهُ سَيِّدُهَا بِهِ فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ وَيُغَرَّرُ عَالِمُهُ، ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: وَإِنْ جَهِلَ فَسَادَ نِكَاحٍ كَتَغْرِيرِ غَارٍّ كَأُخْتِهِ مِنَ رَضَاعٍ - فَالْمَهْرُ عَلَى الْغَارِّ.

(وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ) ; لِأَنَّهُ سَاوَى الْحُرَّ فِي اعْتِقَادِ حُرِّيَّتِهِ (وَيَفْدِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>