وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ عُتِقَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَيْرِهِ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ لِلسَّيِّدِ لَكِنْ بِوَاسِطَتِهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَلَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً فَفُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي مِلْكِهِ لَا بِالْفَرْضِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَجَبَ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ، فَلَا يُبْنَى إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَيْثُ يَجِبُ لِوُجُوبِهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَا خِيَارَ لَهَا) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْأَكْثَرُ ; لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، فَلَا يُفْسَخُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهَذِهِ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَلَوْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ - عُتِقَتْ، وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ أَوْ يَتَنَصَّفَ، فَلَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهَا الْخِيَارُ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أَكْمَلَ مِنْهُ، فَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ عَتَقَت جَمِيعًها، أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي، وَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ بِلَا نِزَاعٍ، وَكَذَا إِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الِاسْتِسْعَاءِ.
فَرْعٌ: إِذَا عُتِقَ زَوْجُ الْأَمَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ ; لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ فَقَطْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطْلَقًا، فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا مُطْلَقًا فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَا فِي الِاسْتِدَامَةِ، لَكِنْ إِنْ عُتِقَ وَوَجَدَ الطَّوْلَ لِحُرَّةٍ، فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (وَإِنْ عُتِقَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا) فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالنِّكَاحُ بَاقٍ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمَا وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ لَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لَمَنَعَتِ الْفَسْخَ، فَإِذَا قَارَنَتْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَالْإِسْلَامِ، وَعَنْهُ: لَهَا الْخِيَارُ كَمَا لَوْ عُتِقَتْ قَبْلَهُ (وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ مَعْنًى يُزِيلُ الْمِلْكِ عَنْهُمَا لَا إِلَى مَالِكٍ، فَجَازَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الْفُرْقَةُ كَالْمَوْتِ، وَفِي " الْمُغْنِي ": مَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ عَبْدَهُ سُرِّيَّةً، وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي بِهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا - لَمْ يُصِبْهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute