فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً، بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا، فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا - لَمْ تَزُلِ الْعِنَّةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَزُولَ، فَإِنِ ادَّعَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خِلْقَةٌ، قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الطِّبِّ قَالُوا: الدَّاءُ لَا يُسْجَنُ فِي الْبَدَنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ. وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مُنْذُ تَرَافُعِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْقَائِلِينَ بِتَأْجِيلِهِ بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عِنَّتُهُ، فَيَثْبُتُ لَهَا الْفَسْخُ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ: أَنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ، وَيُفْسَخُ فِي الْحَالِ كَالْجَبِّ ; وَلِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْفَسْخِ قَدْ وُجِدَ، وَزَوَالُهُ لَا يَحْتَمِلُ الْأَجَلَ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إِذَا ادَّعَتْ عَدَمَ وَطْئِهَا لِعِنَّتِهِ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَهِيَ عَذْرَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ - فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا ثَبَتَ عَجْزُهُ، وَأُجِّلَ سَنَةً فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَجَدَّدَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْوَطْءِ، فَبَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا ; لِأَنَّ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ اسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ تَثْبُتُ بِوَطْءٍ وَاحِدٍ، فَكَذَا هَذَا، وَأَمَّا الْجَبُّ، فَقَدْ تَحَقَّقَ بِهِ الْعَجْزُ، فَافْتَرَقَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ زَالَتْ عِنَّتُهُ، فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا كَفَاهُ تَغْيِيبُ قَدْرِهَا مِنَ الْبَاقِي فِي الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ إِحْرَامٍ، نَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَالْإِبَاحَةُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّهِ، فَخَرَجَ مِنْهَا كَالْمَرِيضَةِ، وَالْإِخْرَاجُ لَا يُخْرِجُ مِنَ الْعِنَّةِ إِلَّا بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي (فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا، لَمْ تَزُلِ الْعِنَّةُ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الدُّبُرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ ; وَلِأَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ تُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهَا ; لِأَنَّ الفسخ لدفع الضَّرَرَ الْحَاصِلَ بِالْعَجْزِ عَنْ وَطْئِهَا، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا وَإِنْ وَطِئَ غَيْرَهَا، (وَيَحْتَمِلُ أَنْ تزول) هَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute