للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ قَالَ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ مَعِيبًا، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا مِنْ وَطْءٍ، أَوْ تَمْكِينٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُثْبِتُ الْخِيَارَ، إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْمَجْبُوبُ الْمَرْأَةَ رَتْقَاءً، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُمَا الْخِيَارُ ; لِامْتِنَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِعَيْبِ نَفْسِهِ، وَاخْتَارَ فِي " الْفُصُولِ " إِنْ لَمْ يَطَأْ لِبَظَرٍ بِهَا فَرَتْقَاءُ (أَوْ حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وفِي الشَّرْحِ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ أَثْبَتَ الْخِيَارَ مُقَارِنًا، فَأَثْبَتَهُ طَارِئًا كَالْإِعْسَارِ وَالرِّقِّ، وَالثَّانِي: لَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ، أَشْبَهَ الْحَادِثَ بِالْمَبِيعِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ ; لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْإِجَارَةِ.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَعَوَرٍ، وَعَمًى، وَقَطْعِ يَدٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": هَلْ يَحُطُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ النَّقْصِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيلَ لِشَيْخِنَا: لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَغَيْرِهَا؟ قِيلَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ عُيُوبَ الْفَرْجِ الْمَانِعَةُ مِنَ الْوَطْءِ بِهَا فِي الْعَادَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَ رِضًا مُطْلَقًا وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً، فَبَانَتْ بِدُونِهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَذَكَرَ صَاحِبُ " الْهَدْيِ " فِي قَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ طَرَشٍ وَكَذَا كُلُّ عَيْبٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ، فَوَجَبَ الْخِيَارُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْبَيْعِ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ رَدَّ الْمَرْأَةِ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ فِي الْبَيْعِ، حَكَاهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الشَّيْخُوخَةُ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ، وَلَوْ بَانَ عَقِيمًا فَلَا خِيَارَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ لَهَا.

(فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ قَالَ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ مَعِيبًا) فَلَا خِيَارَ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ، أَشْبَهَ مُشْتَرِي الْمَبِيعِ، وَإِنْ ظَنَّهُ يَسِيرًا فَبَانَ كَثِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا رَضِيَ بِعَيْبٍ فَبَانَ غَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا يَحْسَبُهُ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>