وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ، وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ ; وَلِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا ; وَفِيهِ مُسَمًّى صَحِيحٌ، فَوَجَبَ كَغَيْرِ الْمَعِيبَةِ وَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ (وَقِيلَ: عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) ; لِأَنَّ الْفَسْخَ اسْتَنَدَ إِلَى الْعَقْدِ، فَصَارَ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَقِيلَ: عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي فَسْخِ الزَّوْجِ لِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَقِيلَ فِيهِ يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا، فَيَسْقُطُ مِنَ الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ فَسَخَ أَوْ أَمْضَى، وَقَاسَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ مُسَمًّى بِلَاحِقٍ وَمِثْلٌ بِسَابِقٍ.
فَرْعٌ: الْخَلْوَةُ هُنَا كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ.
(وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) أَوِ الْوَكِيلِ، رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَذْهَبَ - رِوَايَةً وَاحِدَةً - أَنَّهُ يَرْجِعُ، قَالَ أَحْمَدُ: كُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، فَهِبْتُهُ، فَمِلْتُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ (وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ) وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ ضِمْنَ مَا اسْتَوْفَى بَدَلَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا فَأَكَلَهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ، غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جِدًّا أَوْ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَرَاهَا فَالتَّقْرِيرُ فِي جِهَتِهِ عَلِمَ أَوْ لَا، وَمِثْلُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ وَلَوْ زُوِّجَ امْرَأَةً، فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا، وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، وَتُجَهَّزُ زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَلَا يَرْجِعُ فِيهِمَا، وَإِذَا بَانَتْ بِالْفَسْخِ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ إِنْ كَانَتْ حَائِلًا، كَالْبَائِنِ بِالثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ، وَالْحَمْلُ لَاحِقٌ بِهِ، وَقِيلَ: لَا ; لِأَنَّهَا بَائِنٌ، وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute