للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَعًا، وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ إِلَى أَنْ يَخْتَارَ، فَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ أَوْ وَطِئَهَا كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا، وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا، أَقْرَعَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، خِلَافًا لِلْقَاضِي (أَرْبَعًا) وَلَوْ مِنْ شَابٍّ إِنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُكَلَّفَ (وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ) ; «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ - وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ - فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي لَفْظٍ «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، وَقَدْ ضُعِّفَا، وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عُقُودٍ، اخْتَارَ الْأَوَائِلَ أَوِ الْأَوَاخِرَ، وَلَفْظُ الِاخْتِيَارِ نَحْوُ: اخْتَرْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ أَمْسَكْتُهُنَّ، أَوِ اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ أَوْ نِكَاحَهُنَّ، أَوْ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ، أَوْ تَرَكْتُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ أَسْقَطَ " اخْتَرْتُ "، فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ: يَلْزَمُهُ فِرَاقُ بَقِيَّتِهِنَّ، وَالْمَهْرُ لِمَنِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ هُنَا ; لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ عَلَى مَنْ لَا يُحِبُّهَا، فَيُفْضِي إِلَى تَنْفِيرِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ، وَعِدَّةُ الْمَتْرُوكَاتِ مُنْذُ اخْتَارَ ; لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ بِهِ، وَقِيلَ: مُنْذُ أَسْلَمَ ; لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ الْحَقِيقِيَّةَ حَصَلَتْ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِيَارُ بَيْنَ مَحَلِّهَا، فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَلَيْسَ الْبَاقِي كِتَابِيَّاتٍ - مَلَكَ إِمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ فَقَطْ، وَلَهُ تَعْجِيلُ إِمْسَاكٍ مُطْلَقًا، وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ) ; لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ وَهُوَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ كَإِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِحَبْسٍ، ثُمَّ تَعْزِيرٍ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتَارَ عَنْهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَوْلَى ; لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ إِلَى أَنْ يَخْتَارَ) ; لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ، وَهُنَّ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ (فَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ) فَقَدِ اخْتَارَهَا فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي زَوْجَةٍ، فَإِنْ قَالَ: فَارَقْتُ، أَوِ اخْتَرْتُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ اخْتِيَارًا لِغَيْرِهِنَّ لِلْخَبَرِ ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقِيلَ: اخْتِيَارٌ لِلْمُفَارَقَاتِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَاخْتَارَ فِي " التَّرْغِيبِ " أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ هُنَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا لِلْخَبَرِ فَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا كَانَ طَلَاقًا وَاخْتِيَارًا (أَوْ وَطِئَهَا كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا) فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي مِلْكٍ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِشَرْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>