للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِحَّ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ، وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهُوَ السِّنْدِيُّ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَوْنَهُ مَعْلُومًا كَالْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ ; لِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْلُومِ مَجْهُولٌ، لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ تَصِحَّ تَسْمِيَتُهُ كَالْمُحَرَّمِ، لَكِنْ لَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرُ، وَغَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي الْأَصَحِّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ دَابَّةً - لَمْ يَصِحَّ) ; لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ) ; لِلْجَهَالَةِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ) ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْعَلَائِقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ» ; وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ ثَبَتَ فِيهِ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ الْمَقْصُودُ فِيهِ الْمَالُ، فَثَبَتَ مُطْلَقًا كَالدِّيَةِ ; وَلِأَنَّ جَهَالَةَ التَّسْمِيَةِ هَذِهِ أَقَلُّ مِنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَحكي فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " عَنِ الْقَاضِي: يَصِحُّ مَجْهُولًا مَا لَمْ تَزِدْ جَهَالَتُهُ عَلَى جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَعَبْدٍ، وَفَرَسٍ، مِنْ جِنْسٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ كَانَ دَابَّةً أَوْ حَيَوَانًا لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْوَسَطِ (وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهُوَ السِّنْدِيُّ) بِالْعِرَاقِ ; لِأَنَّ الْأَعْلَى التُّرْكِيُّ، وَالْأَسْفَلَ الزِّنْجِيُّ، وَالْوَسَطَ السِّنْدِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْخَبَرُ الْمُرَادُ بِهِ: مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ مِمَّا يَصْلُحُ عِوَضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ مَا لَا يَصْلُحُ، وَالدِّيَةُ ثَبَتَتْ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ، وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ فِي تَقْدِيرِهَا، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ أَصْلًا، ثُمَّ الْحَيَوَانُ الثَّابِتُ فِيهَا مَوْصُوفٌ مُقَدَّرٌ بِقِيمَتِهِ، فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا كَوْنُ جَهَالَةِ الْمُطْلَقِ أَقَلَّ مِنْ جَهَالَةِ قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمَمْنُوعٌ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقَبَائِلِ يَكُونُ لِنِسَائِهِمْ مَهْرٌ، لَا يَكَادُ يَخْتَلِفُ إِلَّا بِالثِّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ، فَيَكُونُ إِذًا مَعْلُومًا.

(وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ) ; لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، أَوْ دَابَّةً، أَوْ ثَوْبًا (وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَصِحُّ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " كَمَوْصُوفٍ، وَكَمَا لَوْ عَيَّنَ ثُمَّ نَسِيَ، وَهَذَا مِمَّا لَا نَظِيرَ لَهُ يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ نَصَّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَشْكَلَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَعَلَى هَذَا يُعْطِي مِنْ عَبِيدِهِ وَسَطَهُمْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ (و) الْأَشْهَرُ: أَنَّ (لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>