وَإِنْ كَرِهَتْ، وَإِنْ فَعَلَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا صَحَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إِلَّا الْمُسَمَّى، وَالْبَاقِي عَلَى الْوَلِيِّ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ، وَلَزِمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ النِّكَاحِ الْعِوَضَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ، وَوَضْعُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْصِبٍ عِنْدَ مَنْ يَكْفُلُهَا وَيَصُونُهَا، وَالظَّاهِرُ مِنَ الْأَبِ مَعَ تَمَامِ شَفَقَتِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ - أَنَّهُ لَا يَنْقُصُهَا مِنَ الصَّدَاقِ إِلَّا لِتَحْصِيلِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَعُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْعِوَضُ، لَا يُقَالُ: كَيْفَ يُمَلَّكُ الْأَبُ تَزْوِيجَ الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْأَشْهَرَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَأْذَنَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ دُونَ قَدْرِ الْمَهْرِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ تَتْمِيمُهُ كَبَيْعِهِ بَعْضَ مَالِهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ لِسُلْطَانٍ يُظَنُّ بِهِ حِفْظُ الْبَاقِي، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَقِيلَ: لِبِنْتٍ كَبِيرَةٍ؛ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهَا، وَفِي " الرَّوْضَةِ " إِلَّا أَنْ تَرْضَى بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ قَبْلَ لُزُومِهِ (وَإِنْ فَعَلَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا) وَكَانَتْ رَشِيدَةً (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، فَإِذَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهِ، سَقَطَ، كَبَيْعِ سِلْعَتِهَا (وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ تَمَحَّضَ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ (وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ بُضْعِهَا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ نَقْصُهَا مِنْهُ، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ فَسَادُ التَّسْمِيَةِ وَعَدَمُهَا (وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إِلَّا الْمُسَمَّى) هَذَا رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ غَيْرُهُ، وَكَمَنَ زُوِّجَ بِدُونِ مَا عَيَّنْتَهُ لَهُ (وَالْبَاقِي عَلَى الْوَلِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ (كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ) وَفِي " الشَّرْحِ "، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ -: تَمَامُ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فَاسِدَةٌ، وَيَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَهَا بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الثيب الكبيرة وُجُوبُ التَّمَامِ.
(وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْأَبِ مَلْحُوظٌ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، فَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمَصْلَحَةِ، فَكَذَا يَصِحُّ هُنَا تَحْصِيلُهُ لَهَا (وَلَزِمَ ذِمَّةَ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ، فَكَانَ بَدَلُهُ عَلَيْهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ مَعَ رِضَاهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْأَبُ؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَحَكَاهُمَا فِي " الْمُغْنِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute