اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي الْعَادَةِ، فَهَلْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ عَادَتِهَا اغْتَسَلَتْ، وَصَلَّتْ) وَصَامَتْ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا مَا رَأَتِ الطُّهْرَ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الطُّهْرِ وَكَثِيرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي " الشَّرْحِ " عَنِ الْأَصْحَابِ، لَكِنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ فِي خِلَالِ الْحَيْضِ سَاعَةٌ، فَلَوْ كَانَ النَّقَاءُ أَقَلَّ مِنْهَا، فَقَالَ فِي " الْكَافِي " و" الشَّرْحِ ": الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِطُهْرٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَقَلُّهُ يَوْمٌ، وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، لِأَنَّ الدَّمَ يَجْرِي تَارَةً، وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَفِي إِيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ تَطْهُرُ سَاعَةً حَرَجٌ، فَيَكُونُ مَنْفِيًّا، قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ: فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ طُهْرٌ، إِلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُهُ فِي آخِرِ عَادَتِهَا، أَوْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، وَصَفَ الْحَيْضَ بِكَوْنِهِ أَذًى، فَإِذَا ذَهَبَ الْأَذَى، وَجَبَ زَوَالُ الْحَيْضِ، وَظَاهِرُهُ إِبَاحَةُ وَطْئِهَا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ، وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فِيمَا فَعَلَتْهُ فِيهِ مِنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ وَنَحْوِهِ إِذَا عَاوَدَهَا فِي الْعَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي الْعَادَةِ) وَلَمْ يُجَاوِزْهَا (فَهَلْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَجْلِسُهُ، لِأَنَّهُ صَادَفَ زَمَنَ الْعَادَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اسْتَمَرَّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ حَتَّى يُكَرَّرَ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ الْغَالِبُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ طُهْرٍ صَحِيحٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَادَ بَعْدَ الْعَادَةِ، فَعَلَيْهَا حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عَادَ بَعْدَهَا، وَعَنْهُ: مَشْكُوكٌ فِيهِ، كَدَمِ نُفَسَاءَ عَادَ، فَعَلَى الْأُولَى إِذَا عَادَ فِي الْعَادَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَأَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: الْجَمِيعُ حَيْضٌ، وَالثَّانِي: لَيْسَ بِحَيْضٍ حَتَّى يَتَكَرَّرَ، وَالثَّالِثُ: مَا فِي الْعَادَةِ حَيْضٌ، وَمَا زَادَ لَيْسَ بِحَيْضٍ حَتَّى يَتَكَرَّرَ، فَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَهُ فَمُسْتَحَاضَةٌ، لِأَنَّ بَعْضَهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ، فَيَكُونُ كُلُّهُ اسْتِحَاضَةً لِاتِّصَالِهِ بِهِ، وَانْفِصَالِهِ عَنِ الْحَيْضِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِعَوْدِهِ بَعْدَ الْعَادَةِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ، تَارَةً يَتَعَذَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute