للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُظْهِرَ الْكَرَاهَةَ لِبَذْلِهِ، وَإِذَا تَمَّ الْعَقْدُ، وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ، إِذَا طَلَبَهَا، وَكَانَتْ حُرَّةً يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَلَمْ يشْتَرِطْ دَارَهَا، وَإِنْ سَأَلَتِ الْإِنْظَارَ، وَأُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهَا فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا إِلَّا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قِيلَ: هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩] .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رُبَّمَا رُزِقَ مِنْهَا وَلَدٌ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ ماتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا آكَدُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ.

(وَإِذَا تَمَّ الْعَقْدُ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ) ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْدِ يَسْتَحِقُّ الزَّوْجُ تَسْلِيمَ الْمُعَوَّضِ، كَمَا تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ تَسْلِيمَ الْعِوَضِ، وَكَالْإِجَارَةِ (فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَمَلَكَ تَعْيِينَ مَوْضِعِهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ (إِذَا طَلَبَهَا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَا يَجِبُ بِدُونِ الطَّلَبِ (وَكَانَتْ حُرَّةً) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا مُطْلَقًا، بَلْ لَيْلًا؛ لِأَنَّ النَّهَارَ تَكُونُ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهَا (يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ إِنَّمَا وَجَّبَ ضَرُورَةَ اسْتِيفَاءِ الِاسْتِمْتَاعِ الْوَاجِبِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ نِضْوَةَ الْخِلْقَةِ وَهُوَ جَسِيمٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً مَرَضًا مُزْمِنًا، وَيَقْبَلُ قَوْلَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا، وَعِبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوِهِ، وَتَنْظُرُهُمَا وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا لِلْحَاجَةِ، وَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا لَزِمَهَا الْبَيِّنَةُ، وَنُصَّ عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بِنْتَ تِسْعٍ، قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ هَذَا عِنْدِي عَلَى سَبِيلِ التَّحْدِيدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَلَا يَلْزَمُ ابْتِدَاءُ تَسْلِيمِ مُحَرَّمَةٍ، وَمَرِيضَةٍ، وَصَغِيرَةٍ، وَحَائِضٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَطَأُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ (وَلَمْ يشْتَرِطْ دَارَهَا) فَإِنْ شَرَطَتْهُ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا فِي دَارِهَا (وَإِنْ سَأَلَتِ الْإِنْظَارَ أُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهَا فِيهَا) ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>