للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعِيشَتُهُ بِاللَّيْلِ كَالْحَارِسِ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَدَاءَةُ بِإِحْدَاهُنَّ، وَلَا السَّفَرُ بِهَا إِلَّا بِقُرْعَةٍ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لَزِمَهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْوَطْءِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ. وَيَقْسِمُ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لَيْلَةً، وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِلسَّكَنِ وَالنَّهَارِ لِلْمَعَاشِ (إِلَّا لِمَنْ مَعِيشَتُهُ بِاللَّيْلِ كَالْحَارِسِ) فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ النَّهَارَ، وَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ يَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا بِدَلِيلِ أَنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ: لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ وَأَنْ يَدْعُوهُنَّ إِلَى مَنْزِلِهِ وَيَسْقُطُ حَقُّ مُمْتَنِعَةٍ، وَلَهُ دُعَاءُ الْبَعْضِ، وَقِيلَ: يَدْعُو الْكُلَّ أَوْ يَأْتِي الْكُلَّ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَتِ الْمُمْتَنِعَةُ نَاشِزَةٌ، وَالْحَبْسُ كَغَيْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ دَعَاهُنَّ لَمْ يَلْزَمْ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنُ مِثْلِهِنَّ.

(وَلَيْسَ لَهُ الْبَدَاءَةُ بِإِحْدَاهُنَّ وَلَا السَّفَرُ بِهَا إِلَّا بِقُرْعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْبَدَاءَةَ بِهَا تَفْضِيلٌ لَهَا، وَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُنَّ مُتَسَاوِيَاتٍ فِي الْحَقِّ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى الْقُرْعَةِ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ: لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُبَاحًا، بَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُرَخَّصًا، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِرِضَاهِنَّ أَوْ قُرْعَةٍ (فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَتَمَّ وَقَضَى، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ لَا زَمَنَ سَيْرِهِ (لَزِمَهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ) ؛ لِتَعَيُّنِ حَقِّهَا، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ كَفَاهُ قُرْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَصِيرُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا (وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْوَطْءِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَجُبِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ وَالْمَيْلُ، وَإِنَّ قَلْبَهُ قَدْ يَمِيلُ إِلَى إِحْدَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩] وَكَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ دَوَابِّهِ وَكَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَالسُّكْنَى، إِذَا قَامَ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ نَصًّا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَقْسِمُ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، وَنَصُّهُ: لَا بَأْسَ، وَقَالَ فِي الْجِمَاعِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَهُ عَمْدًا يَبْقَى لِنَفْسِهِ لِتِلْكَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>