لَيْلَتَهَا، وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي نَهَارِ لَيْلِ الْقَسْمِ لِمَعَاشِهِ، وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَسْتَأْنِفُ قَضَاءَ الْعَقْدِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَى الْمُسَافِرَةِ بِمُدَّةِ سَفَرِهَا كَمَا لَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهَا فِيمَا عَدَا حَقَّ الْعَقْدِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الْعَقْدِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ بِغَيْرِ مُسْقِطٍ، فَإِنْ قَدَمَ مِنْ سَفَرِهِ قَبْلَ مُدَّةٍ يَنْقَضِي فِيهَا حَقُّ عَقْدِ الْأُولَى أَتَمَّهُ فِي الْحَضَرِ، وَقَضَى لِلْحَاضِرَةِ مِثْلَهُ وَجْهًا وَاحِدًا.
(وَإِذَا طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَتِهَا أَثم) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ لَهَا (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ) أَيْ: عَادَتْ إِلَيْهِ بِرَجْعَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (قَضَى لَهَا لَيْلَتَهَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى إِيفَاءِ حَقِّهَا فَلَزِمَهُ كَالْمُعْسِرِ إِذَا أَيْسَرَ بِالدَّيْنِ.
فَائِدَةٌ: يَجُوزُ بِنَاءُ الرَّجُلِ بِامْرَأَتِهِ فِي السَّفَرِ وَرُكُوبِهَا مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ الْجَيْشِ؛ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا.
(وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي نَهَارِ لَيْلِ الْقَسْمِ لِمَعَاشِهِ وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١] وَحُكْمُ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ الَّتِي يُقِيمُهَا عِنْدَ الْمَزْفُوفَةِ حُكْمُ سَائِرِ الْقَسْمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمَقَامُ عِنْدَهَا لَيْلًا، لِشُغْلٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، قَضَاهُ لَهَا وَلَهُ الْخُرُوجُ إِلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَى مَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، فَإِنْ أَطَالَ قَضَاهُ، وَلَا يَقْضِي الْيَسِيرَ.
فَرْعٌ: قَسَمَ لِاثْنَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ، ثُمَّ يُجَدِّدُ حَقَّ رَابِعَةٍ، فَإِنْ رَجَعَتْ فِي هِبَةٍ أَوْ عَنْ نُشُوزٍ أَوْ نِكَاحٍ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ، ثُمَّ رُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ، وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ، فَإِذَا كَمَّلَ الْحَقَّ اسْتَأْنَفَ التَّسْوِيَةَ، وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ، ثُمَّ لَيْلَةً لِلْمَظْلُومَةِ، ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ: لَا يَبِيتُ نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً؛ لِأَنَّهُ حَرَجٌ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَوْ أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ، ثُمَّ نَكَحَهَا وَقَدْ نَكَحَ جَدِيدَاتٍ - تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute